(فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ)
قَالَ (وَإِذَا مَاتَ نَصْرَانِيٌّ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً وَقَالَتْ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ) وَقَالَ زُفَرُ ﵀: الْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْإِسْلَامَ حَادِثٌ فَيُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ. وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ الْحِرْمَانِ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ فَيَثْبُتُ فِيمَا مَضَى تَحْكِيمًا لِلْحَالِ كَمَا فِي جَرَيَانِ مَاءِ
فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ:
قَدْ تَقَدَّمَ لَنَا الْكَلَامُ فِيمَا يُوجِبُ تَأْخِيرَ هَذَا الْفَصْلِ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ. قَالَ (وَإِذَا مَاتَ النَّصْرَانِيُّ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً إلَخْ) ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ إثْبَاتُهُ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَهُوَ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ أَمْرٍ فِي وَقْتٍ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِهِ فِي وَقْتٍ آخَرَ. وَهُوَ عَلَى نَوْعَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُقَالَ كَانَ ثَابِتًا فِي الْمَاضِي فَيَكُونُ ثَابِتًا فِي الْحَالِ كَحَيَاةِ الْمَفْقُودِ. وَالثَّانِي أَنْ يُقَالَ هُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ فَيُحْكَمُ بِثُبُوتِهِ فِي الْمَاضِي كَجَرَيَانِ مَاءِ الطَّاحُونَةِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ، وَهُوَ حُجَّةٌ دَافِعَةٌ لَا مُثْبِتَةٌ عِنْدَنَا كَمَا عُرِفَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَإِذَا مَاتَ النَّصْرَانِيُّ فَجَاءَتْ امْرَأَتُهُ مُسْلِمَةً وَقَالَتْ أَسْلَمْت بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ أَسْلَمَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْوَرَثَةِ.
وَقَالَ زُفَرُ: الْقَوْلُ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ حَادِثٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَالْحَادِثُ يُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ لِذَلِكَ. وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ الْحِرْمَانِ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ، وَكُلُّ مَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ يَكُونُ ثَابِتًا فِيمَا مَضَى تَحْكِيمًا لِلْحَالِ: أَيْ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ كَمَا فِي جَرَيَانِ مَاءِ الطَّاحُونَةِ إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَعَاقِدَانِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ فِي الْحَالِ، فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ جَارِيًا فِي الْحَالِ كَانَ الْقَوْلُ لِلْآجِرِ وَهُوَ صَاحِبُ الطَّاحُونَةِ، وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُسْتَأْجِرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute