كِتَابُ الْقِسْمَةِ
الْقِسْمَةُ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ مَشْرُوعَةٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ ﵊ بَاشَرَهَا فِي الْمَغَانِمِ وَالْمَوَارِيثِ، وَجَرَى
إذَا بِيعَتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، فَلَأَنْ لَا يَرَيَا إذَا بِيعَتْ بِأَقَلَّ بِمُحَابَاةٍ كَثِيرَةٍ أَوْلَى، وَإِنَّمَا خُصَّ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ الْكَثِيرَةَ لَا تُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا بِمَعْنَى التِّجَارَةِ وَلَهُمَا وِلَايَةُ الِامْتِنَاعِ عَنْ الِاتِّجَارِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَلَكِنْ قَالَ: لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ فِي هَذَا لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمَا فِي مَالِهِ إنَّمَا يَكُونُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، وَلَيْسَ تَرْكُهَا هَاهُنَا كَذَلِكَ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا خُصَّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ بِقَوْلِهِ (وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) لِأَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صِحَّةِ التَّسْلِيمِ فِيمَا إذَا بِيعَتْ بِمِثْلِ قِيمَتِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
كِتَابُ الْقِسْمَةِ:
أَوْرَدَ الْقِسْمَةَ عَقِيبَ الشُّفْعَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ نَتَائِجِ النَّصِيبِ الشَّائِعِ، فَإِنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَرَادَ الِافْتِرَاقَ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ طَلَبَ الْقِسْمَةَ، وَمَعَ عَدَمِهِ بَاعَ وَوَجَبَ عِنْدَهُ الشُّفْعَةُ. وَقَدَّمَ الشُّفْعَةَ لِأَنَّ بَقَاءَ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ أَصْلٌ. وَهِيَ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ لِلِاقْتِسَامِ كَالْقُدْوَةِ لِلِاقْتِدَاءِ. وَفِي الشَّرِيعَةِ: جَمْعُ النَّصِيبِ الشَّائِعِ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ. وَسَبَبُهَا طَلَبُ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ الِانْتِفَاعَ بِنَصِيبِهِ عَلَى الْخُلُوصِ. وَرُكْنُهَا مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِفْرَازُ وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونَاتِ وَالذَّرْعِ فِي الْمَذْرُوعَاتِ وَالْعَدِّ فِي الْمَعْدُودَاتِ. وَشَرْطُهَا أَنْ لَا تَفُوتَ مَنْفَعَتُهُ بِالْقِسْمَةِ، وَلِهَذَا لَا يُقْسَمُ الْحَائِطُ وَالْحَمَّامُ وَنَحْوُهُمَا، وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﵊ بَاشَرَهَا فِي الْمَغَانِمِ وَالْمَوَارِيثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَجَرَى التَّوَارُثُ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. ثُمَّ هِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute