للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ

قَالَ (وَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَالْبَيْعُ مَوْقُوفٌ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ يَتَصَرَّفُ فِي مِلْكِهِ كَمَنْ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ تَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهِ (فَإِنْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ جَازَ)؛ لِأَنَّ التَّوَقُّفَ لِحَقِّهِ وَقَدْ رَضِيَ بِسُقُوطِهِ (وَإِنْ قَضَاهُ الرَّاهِنُ دَيْنَهُ جَازَ أَيْضًا)؛ لِأَنَّهُ زَالَ الْمَانِعُ مِنْ النُّفُوذِ وَالْمُقْتَضِي مَوْجُودٌ وَهُوَ التَّصَرُّفُ الصَّادِرُ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ (وَإِذَا نَفَذَ الْبَيْعُ بِإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ يَنْتَقِلُ حَقُّهُ إلَى بَدَلِهِ هُوَ الصَّحِيحُ)؛ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ، وَالْبَدَلُ لَهُ حُكْمُ الْمُبْدَلِ فَصَارَ كَالْعَبْدِ الْمَدْيُونِ الْمَأْذُونِ إذَا بِيعَ بِرِضَا الْغُرَمَاءِ يَنْتَقِلُ حَقُّهُمْ إلَى الْبَدَلِ؛ لِأَنَّهُمْ رَضُوا بِالِانْتِقَالِ دُونَ السُّقُوطِ رَأْسًا فَكَذَا هَذَا

رَهْنًا لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ بَطَلَ الرَّهْنُ لِمَا قُلْنَا إنَّ الْمِلْكَ يَقَعُ لِلرَّاهِنِ فِيهِ مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ بِحُكْمِ الرَّهْنِ وَعَقْدُ الرَّهْنِ كَانَ سَابِقًا عَلَى ذَلِكَ

(بَابُ التَّصَرُّفِ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ)

التَّصَرُّفُ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ وَجِنَايَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ كَوْنِهِ رَهْنًا فَكَانَ مُتَأَخِّرًا طَبْعًا فَأَخَّرَهُ وَضْعًا. قَالَ (وَإِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ إلَخْ) إذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يَأْذَنْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَقَدْ اخْتَلَفَ عِبَارَةُ مُحَمَّدٍ فِيهِ. فِي مَوْضِعٍ قَالَ بَيْعُ الْمَرْهُونِ فَاسِدٌ، وَفِي مَوْضِعٍ قَالَ جَائِزٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ جَائِزٌ مَوْقُوفٌ. وَقَوْلُهُ فَاسِدٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَمْ يَجُزْ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُفْسِدُهُ إذَا خُوصِمَ إلَيْهِ فِيهِ وَطَلَبَ الْمُشْتَرِي التَّسْلِيمَ. وَقَوْلُهُ جَائِزٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَجَازَهُ وَسَلَّمَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ فِي مَالٍ لَهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ جَازَ مَوْقُوفًا كَمَنْ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ تَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، فَإِنْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ تَمَّ الْعَقْدُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ رَاضِيًا، وَكَذَا لَوْ قَضَاهُ الرَّاهِنُ دَيْنَهُ فَإِنْ أَجَازَ يَنْتَقِلُ حَقُّهُ إلَى بَدَلِهِ لِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ. وَقَوْلُهُ (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ رَهْنًا كَانَ رَهْنًا وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ الرَّاهِنَ مَلَكَ الثَّمَنَ بِنُفُوذِ الْبَيْعِ بِإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ فَلَا يَصِيرُ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنْ فَسَخَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>