قِيمَةِ الْخَمْرِ لِعَجْزِهِ عَنْ تَمْلِيكِ الْخَمْرِ وَبِالْإِسْلَامِ يَتَأَكَّدُ حَقُّهُ لَا أَنْ يَبْطُلَ، فَصَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَاهَا بِكُرٍّ مِنْ رُطَبٍ فَحَضَرَ الشَّفِيعُ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الرُّطَبِ كَذَا هَذَا.
فَصْلٌ
قَالَ (وَإِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا أَوْ غَرَسَ ثُمَّ قُضِيَ لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، وَإِنْ شَاءَ كَلَّفَ الْمُشْتَرِيَ قَلْعَهُ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْقَلْعَ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، إلَّا أَنَّ عِنْدَهُ لَهُ أَنْ يُقْلِعَ وَيُعْطِي قِيمَةَ الْبِنَاءِ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ، وَالتَّكْلِيفُ بِالْقَلْعِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُدْوَانِ وَصَارَ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا، وَكَمَا إذَا زَرَعَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْقَلْعَ، وَهَذَا لِأَنَّ فِي إيجَابِ الْأَخْذِ بِالْقِيمَةِ دَفْعَ أَعْلَى الضَّرَرَيْنِ بِتَحَمُّلِ الْأَدْنَى فَيُصَارَ إلَيْهِ وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ بَنَى فِي مَحِلٍّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ مُتَأَكِّدٌ لِلْغَيْرِ
يَمْنَعُ قَبْضَ الْخَمْرِ بِحُكْمِ الْبَيْعِ كَمَا يَمْنَعُ الْعَقْدَ عَلَى الْخَمْرِ وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ فِي الشُّفْعَةِ لِأَنَّ وُجُوبَ الشُّفْعَةِ بِأَصْلِ الْبَيْعِ وَقَدْ كَانَ صَحِيحًا وَبَقَاؤُهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِبَقَاءِ الشُّفْعَةِ وَبَاقِي كَلَامِهِ ظَاهِرٌ
(فَصْلٌ):
الْأَصْلُ فِي الْمَشْفُوعِ عَدَمُ التَّغَيُّرِ، وَالتَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ الْغَيْرِ عَارِضٌ، فَكَانَ جَدِيرًا بِالتَّأْخِيرِ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ (وَإِذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا أَوْ غَرَسَ ثُمَّ قَضَى لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْضَ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَقِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ، وَإِنْ شَاءَ كُلِّفَ الْمُشْتَرِي قَلْعَهُ). وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْقَلْعَ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ (وَالْغَرْسِ، وَبَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ) وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ لَهُ أَنْ يُقْلِعَ وَيُعْطِيَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَالْمُحِقُّ فِي شَيْءٍ لَا يُكَلَّفُ قَلْعَهُ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِالْقَلْعِ مِنْ أَحْكَامِ الْعُدْوَانِ، وَاسْتَوْضَحَ ذَلِكَ بِالْمَوْهُوبِ لَهُ، فَإِنَّهُ إذَا بَنَى لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْقَلْعَ وَيَرْجِعَ فِي الْأَرْضِ وَبِالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا إذَا بَنَى، وَبِالْمُشْتَرِي إذَا زَرَعَ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ قَلْعَ مَا لَمْ يَزْرَعْ اتِّفَاقًا (وَهَذَا) أَيْ مَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يُكَلَّفُ (لِأَنَّ فِي إيجَابِ الْأَخْذِ بِالْقِيمَةِ
دَفْعَ أَعْلَى الضَّرَرَيْنِ
) ضَرَرُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْقَلْعُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ يُقَابِلُهُ (بِتَحَمُّلِ الْأَدْنَى) وَهُوَ زِيَادَةُ الثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ لِوُجُوبِ مَا يُقَابِلُهَا وَهُوَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ.
(وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَنَى فِي مَحَلٍّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ لِلْغَيْرِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute