(بَابُ الْحُقُوقِ)
(وَمَنْ اشْتَرَى مَنْزِلًا فَوْقَهُ مَنْزِلٌ فَلَيْسَ لَهُ الْأَعْلَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ. وَمَنْ اشْتَرَى بَيْتًا فَوْقَهُ بَيْتٌ بِكُلِّ حَقٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَعْلَى، وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا بِحُدُودِهَا فَلَهُ الْعُلُوُّ وَالْكَنِيفُ) جَمَعَ بَيْنَ الْمَنْزِلِ وَالْبَيْتِ وَالدَّارِ، فَاسْمُ الدَّارِ يَنْتَظِمُ الْعُلُوَّ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ، وَالْعُلُوُّ مِنْ تَوَابِعِ الْأَصْلِ وَأَجْزَائِهِ فَيَدْخُلَ فِيهِ. وَالْبَيْتُ اسْمٌ لِمَا يُبَاتُ فِيهِ، وَالْعُلُوُّ مِثْلُهُ، وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِمِثْلِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ، وَالْمَنْزِلُ بَيْنَ الدَّارِ وَالْبَيْتِ لِأَنَّهُ يَتَأَتَّى فِيهِ مَرَافِقُ السُّكْنَى مَعَ ضَرْبِ قُصُورٍ إذْ لَا يَكُونُ فِيهِ مَنْزِلُ الدَّوَابِّ، فَلِشَبَهِهِ بِالدَّارِ يَدْخُلُ الْعُلُوُّ فِيهِ تَبَعًا عِنْدَ ذِكْرِ التَّوَابِعِ، وَلِشَبَهِهِ بِالْبَيْتِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ بِدُونِهِ.
بَابُ الْحُقُوقِ)
قِيلَ: كَانَ مِنْ حَقِّ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ أَنْ تُذْكَرَ فِي الْفَصْلِ الْمُتَّصِلِ بِأَوَّلِ كِتَابِ الْبَيْعِ، إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ الْتَزَمَ تَرْتِيبَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُرَتَّبِ بِمَا هُوَ مِنْ مَسَائِلِهِ وَهُنَاكَ هَكَذَا وَقَعَ، وَكَذَا هَاهُنَا، وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ تَوَابِعُ فَيَلِيقُ ذِكْرُهَا بَعْدَ ذِكْرِ مَسَائِلِ الْمَتْبُوعِ.
قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى مَنْزِلًا فَوْقَهُ مَنْزِلٌ) ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَسْمَاءٍ: الْمَنْزِلُ وَالْبَيْتُ وَالدَّارُ، فَسَّرَهُ لِيُبَيِّنَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى كُلِّ اسْمٍ مِنْهَا مِنْ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَصْرِيحِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمَرَافِقِ لِدُخُولِهَا وَعَدَمِهِ. قَالَ: الدَّارُ اسْمٌ لِمَا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ، وَالْبَيْتُ اسْمٌ لِمَا يُبَاتُ فِيهِ، وَالْمَنْزِلُ بَيْنَ الْبَيْتِ وَالدَّارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ مَرَافِقُ السُّكْنَى مَعَ ضَرْبِ قُصُورٍ لِعَدَمِ اشْتِمَالِهِ عَلَى مَنْزِلِ الدَّوَابِّ.
وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَمَنْ اشْتَرَى مَنْزِلًا فَوْقَهُ مَنْزِلٌ لَا يَدْخُلُ الْأَعْلَى فِي الْعَقْدِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ، وَيُصَرِّحَ بِذِكْرِ إحْدَى هَذِهِ الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثِ بِأَنْ يَقُولَ: بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ، أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ (وَمَنْ اشْتَرَى بَيْتًا فَوْقَهُ بَيْتٌ) وَذَكَرَ إحْدَى الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثِ (لَمْ يَدْخُلُ الْأَعْلَى. وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا بِحُدُودِهَا) وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ (دَخَلَ فِيهِ الْعُلُوُّ وَالْكَنِيفُ) وَهَذَا؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَمَّا كَانَ اسْمًا لِمَا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ وَالْعُلُوُّ لَيْسَ بِخَارِجٍ عَنْهَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ الْأَصْلِ وَأَجْزَائِهِ دَخَلَ فِيهِ، وَالْبَيْتُ اسْمٌ لِمَا يُبَاتُ فِيهِ، وَالْعُلُوُّ مِثْلُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ بِذِكْرِهِ، وَإِلَّا لَكَانَ الشَّيْءُ تَابِعًا لِمِثْلِهِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ. وَلَا يُشْكِلُ بِالْمُسْتَعِيرِ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُعَبِّرَ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ وَالْمَكَاتِبِ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُكَاتِبَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّبَعِيَّةِ هَاهُنَا أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِشَيْءٍ يَتْبَعُهُ مَا هُوَ مِثْلُهُ فِي الدُّخُولِ تَحْتَ الدَّلَالَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَتَنَاوَلُ الْأَفْرَادَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute