للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ فِي دَارِهِمْ فَبِأَيِّ طَرِيقٍ أَخَذَهُ الْمُسْلِمُ أَخَذَ مَالًا مُبَاحًا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَدْرٌ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمِنِ مِنْهُمْ لِأَنَّ مَالَهُ صَارَ مَحْظُورًا بِعَقْدِ الْأَمَانِ.

خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. لَهُمَا الِاعْتِبَارُ بِالْمُسْتَأْمَنِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِنَا، فَإِنَّهُ إذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ وَبَاعَ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فَكَذَا إذَا دَخَلَ الْمُسْلِمُ دَارَ الْحَرْبِ وَفَعَلَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِجَامِعِ تَحَقُّقِ الْفَضْلِ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ بِعَقْدِ الْبَيْعِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ مَا رَوَى مَكْحُولٌ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ «لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ» ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ؛ وَلِأَنَّ مَالَ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي دَارِهِمْ مُبَاحٌ بِالْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَالْمُسْلِمُ الْمُسْتَأْمَنُ إنَّمَا مُنِعَ مِنْ أَخْذِهِ لِعَقْدِ الْأَمَانِ حَتَّى لَا يَلْزَمَ الْغَدْرُ، فَإِذَا بَذَلَ الْحَرْبِيُّ مَالَهُ بِرِضَاهُ زَالَ الْمَعْنَى الَّذِي حُظِرَ لِأَجْلِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ) جَوَابٌ عَنْ قِيَاسٍ. وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمُسْتَأْمَنَ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَخْذُ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَحْظُورًا بِعَقْدِ الْأَمَانِ وَلِهَذَا لَا يَحِلُّ تَنَاوُلُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>