وَخِيَارُ الشَّرْطِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ. وَلَوْ سُلِّمَ فَالْمُوَكِّلُ لَا يَمْلِكُ التَّامَّ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِقَبْضِهِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ وَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْخِيَارِ يَكُونُ بَعْدَهُ، فَكَذَا لَا يَمْلِكُهُ وَكِيلُهُ، وَبِخِلَافِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَإِنَّمَا إلَيْهِ تَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ، وَالتَّسْلِيمَ إذَا كَانَ رَسُولًا فِي الْبَيْعِ.
قَالَ (وَبَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ وَلَهُ الْخِيَارُ إذَا اشْتَرَى) لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ (ثُمَّ يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِجَسِّهِ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ يُعْرَفُ بِالْجَسِّ، وَيَشُمُّهُ إذَا كَانَ يُعْرَفُ بِالشَّمِّ، وَيَذُوقُهُ إذَا كَانَ يُعْرَفُ بِالذَّوْقِ) كَمَا فِي الْبَصِيرِ (وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ فِي الْعَقَارِ حَتَّى يُوصَفَ لَهُ)
بِالْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ وَالتَّسْلِيمَ.
قَالَ (وَبَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ) بَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا (وَلَهُ الْخِيَارُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: إنْ كَانَ بَصِيرًا فَعَمِيَ فَكَذَا الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَ أَكْمَهَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ أَصْلًا لِأَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِالْأَلْوَانِ وَالصِّفَاتِ، وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِمُعَامَلَةِ النَّاسِ الْعُمْيَانِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَبِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مَنْ لَا يَمْلِكُ الشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ الْأَمْرَ بِهِ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا احْتَاجَ الْأَعْمَى إلَى مَا يَأْكُلُ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ شِرَاءِ الْمَأْكُولِ وَلَا التَّوْكِيلِ بِهِ مَاتَ جُوعًا وَفِيهِ مِنْ الْقُبْحِ مَا لَا يَخْفَى. وَلَنَا (أَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ، وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ بِالْحَدِيثِ وَقَدْ قَرَّرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ ﵊ " لَمْ يَرَهُ سَلْبٌ " وَهُوَ يَقْتَضِي تَصَوُّرَ الْإِيجَابِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْبَصِيرِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ مُعَامَلَةِ النَّاسِ الْعُمْيَانِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute