للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْوَصْفَ يُقَامُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ كَمَا فِي السَّلَمِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ فِي مَكَان لَوْ كَانَ بَصِيرًا لَرَآهُ وَقَالَ: قَدْ رَضِيتُ سَقَطَ خِيَارُهُ، لِأَنَّ التَّشَبُّهَ يُقَامُ مَقَامَ الْحَقِيقَةِ فِي مَوْضِعِ الْعَجْزِ كَتَحْرِيكِ الشَّفَتَيْنِ يُقَامُ مَقَامَ الْقِرَاءَةِ فِي حَقِّ الْأَخْرَسِ فِي الصَّلَاةِ، وَإِجْرَاءُ الْمُوسَى مَقَامَ الْحَلْقِ فِي حَقِّ مَنْ لَا شَعْرَ لَهُ فِي الْحَجِّ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: يُوَكِّلُ وَكِيلًا بِقَبْضِهِ وَهُوَ يَرَاهُ وَهَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْوَكِيلِ كَرُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ عَلَى مَا مَرَّ آنِفًا.

فَإِنَّ ذَلِكَ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ بِمَنْزِلَةِ الْإِجْمَاعِ، وَيَسْقُطُ خِيَارُهُ بِمُبَاشَرَةِ مَا هُوَ سَبَبُ الْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُعْلَمُ بِمَسِّهِ فَخِيَارُهُ يَسْقُطُ بِجَسِّهِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْلَمُ بِالشَّمِّ فَبِشَمِّهِ وَبِذَوْقِهِ فِي الْمَذُوقَاتِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ شَجَرًا أَوْ ثَمَرًا عَلَى شَجَرٍ أَوْ عَقَارًا فَإِنَّ خِيَارَهُ لَا يَسْقُطُ حَتَّى يُوصَفَ لَهُ لِأَنَّ الْوَصْفَ يُقَامُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ كَمَا فِي السَّلَمِ. وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ بَلْخِي: يَمَسُّ الْحَائِطَ وَالْأَشْجَارَ، فَإِذَا بَاشَرَ بِسَبَبِ الْعِلْمِ أَوْ وُصِفَ لَهُ أَوْ وُصِفَ وَمَسَّ وَقَالَ رَضِيت سَقَطَ الْخِيَارُ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ فِي مَكَان لَوْ كَانَ الْوَاقِفُ بَصِيرًا لَرَآهُ وَقَدْ قَالَ رَضِيت سَقَطَ خِيَارُهُ، لِأَنَّ التَّشَبُّهَ يَقُومُ مَقَامَ الْحَقِيقَةِ فِي مَوْضِعِ الْعَجْزِ كَتَحْرِيكِ الشَّفَتَيْنِ وَإِجْرَاءِ الْمُوسَى فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ وَالْأَصْلَعِ، وَإِطْلَاقُ الرِّوَايَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ الْوَصْفِ. قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْأَعْمَى: يَشْتَرِي الشَّيْءَ لَمْ يَرَهُ فَيَقُولُ قَدْ رَضِيت قَالَ: لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَإِنْ كَانَ فِي مَكَان لَوْ كَانَ بَصِيرًا لَرَآهُ ثُمَّ قَالَ قَدْ رَضِيته لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ.

وَقَالَ الْفَقِيهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يُوقَفُ فِي مَكَان لَوْ كَانَ بَصِيرًا لَرَآهُ وَمَعَ ذَلِكَ يُوصَفُ لَهُ، وَهَذَا أَحْسَنُ الْأَقَاوِيلِ، قَالَ: وَبِهِ نَأْخُذُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يُوَكِّلُ وَكِيلًا يَقْبِضُهُ وَهُوَ يَرَاهُ. وَهَذَا أَشْبَهُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ كَرُؤْيَةِ الْمُوَكِّلِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَوْ وُصِفَ لَهُ فَقَالَ رَضِيت ثُمَّ أَبْصَرَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ قَدْ تَمَّ وَسَقَطَ الْخِيَارُ فَلَا يَعُودُ. وَلَوْ اشْتَرَى بَصِيرًا ثُمَّ عَمِيَ انْتَقَلَ الْخِيَارُ إلَى الصِّفَةِ لِأَنَّ النَّاقِلَ لِلْخِيَارِ مِنْ النَّظَرِ إلَى صِفَةِ الْعَجْزِ، وَقَدْ اسْتَوَى فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ أَعْمَى وَقْتَ الْعَقْدِ وَصَيْرُورَتُهُ أَعْمَى بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>