(وَمَنْ حَلَفَ لَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ فَأَمَرَ إنْسَانًا فَضَرَبَهُ لَمْ يَحْنَثْ) فِي يَمِينِهِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ضَرْبِ الْوَلَدِ عَائِدَةٌ إلَيْهِ وَهُوَ التَّأَدُّبُ وَالتَّثَقُّفُ فَلَمْ يَنْسِبْ فَعَلَهُ إلَى الْآمِرِ، بِخِلَافِ الْأَمْرِ بِضَرْبِ الْعَبْدِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الِائْتِمَارِ بِأَمْرِهِ عَائِدَةٌ إلَى الْآمِرِ فَيُضَافُ الْفِعْلُ إلَيْهِ (وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ إنْ بِعْت لَك هَذَا الثَّوْبَ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَدَسَّ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ فِي ثِيَابِ الْحَالِفِ فَبَاعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ حَرْفَ اللَّامِ دَخَلَ عَلَى الْبَيْعِ فَيَقْتَضِي اخْتِصَاصَهُ بِهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَفْعَلَهُ بِأَمْرِهِ إذْ الْبَيْعُ تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ وَلَمْ تُوجَدْ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ بِعْت ثَوْبًا لَك حَيْثُ يَحْنَثُ إذَا بَاعَ ثَوْبًا مَمْلُوكًا لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، لِأَنَّ حَرْفَ اللَّامِ دَخَلَ عَلَى الْعَيْنِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ فَيَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ بِهِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَهُ، وَنَظِيرُهُ الصِّيَاغَةُ وَالْخِيَاطَةُ وَكُلُّ مَا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ، بِخِلَافِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَضَرْبِ الْغُلَامِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ فَلَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِيهِ فِي الْوَجْهَيْنِ.
لَا قَضَاءً لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَفِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ. وَإِذَا نَوَى الْحَقِيقَةَ الْمُسْتَعْمَلَةَ صَدَقَ قَضَاءً وَدِيَانَةً، وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ يُصْرَفُ إلَى حَقِيقَتِهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ؛ فَإِذَا وُجِدَتْ النِّيَّةُ كَانَ الصَّرْفُ إلَيْهَا أَوْلَى.
وَقَوْلُهُ (لِأَنَّ مَنْفَعَةَ ضَرْبِ الْوَلَدِ عَائِدَةٌ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْوَلَدِ، وَذَكَرَ ضَمِيرَ الْمَنْفَعَةِ نَظَرًا إلَى الْخَبَرِ وَهُوَ التَّأَدُّبُ وَالتَّثَقُّفُ. وَقَوْلُهُ (وَمَنْ قَالَ إنْ بِعْت لَك هَذَا الثَّوْبَ) عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَاضِحٌ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ لَامَ الِاخْتِصَاصِ إذَا اتَّصَلَ بِضَمِيرٍ عَقِيبَ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ، فَإِمَّا أَنْ يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَمَفْعُولِهِ أَوْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْمَفْعُولِ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ فَإِمَّا أَنْ يَحْتَمِلَ الْفِعْلُ النِّيَابَةَ أَوْ لَا، فَإِنْ احْتَمَلَهَا وَتَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا كَانَ اللَّامُ لِاخْتِصَاصِ الْفِعْلِ، وَشَرَطَ حِنْثَ وُقُوعِ الْفِعْلِ لِأَجْلِ مَنْ لَهُ الضَّمِيرُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَيْنُ مَمْلُوكَةً لَهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَمْرِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْمَفْعُولِ كَانَ اخْتِصَاصُ الْعَيْنِ بِهِ وَشَرْطُ كَوْنِهَا مَمْلُوكَةً لَهُ سَوَاءً كَانَ الْفِعْلُ وَقَعَ لِأَجْلِهِ أَوْ لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهَا لَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي الْوَجْهَيْنِ: أَيْ فِي التَّوَسُّطِ وَالتَّأَخُّرِ بَلْ يَحْنَثُ إذَا فَعَلَهُ سَوَاءٌ كَانَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ النِّيَابَةَ لَمْ يُمْكِنْ انْتِقَالُهُ إلَى غَيْرِ الْفَاعِلِ فَيَكُونُ الْأَمْرُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لِاخْتِصَاصِ الْعَيْنِ صَوْنًا لِلْكَلَامِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَمَعْنَى دَسَّ أَخْفَى، وَالْمُرَادُ بِالْغُلَامِ إمَّا الْعَبْدُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ وَإِمَّا الْوَلَدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute