للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهِ الثَّانِي وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَالتَّضْمِينُ بِالْمِثْلِ مَمْنُوعٌ.

وَكَذَا الِاسْتِقْرَاضُ، وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ فَالْمِثْلُ أَعْدَلُ مِنْ الْقِيمَةِ، وَلِأَنَّ الْقَبْضَ يُعَايَنُ فَيُعْرَفُ مِثْلَ الْمَقْبُوضِ بِهِ فِي وَقْتِهِ، أَمَّا الْوَصْفُ فَلَا يُكْتَفَى بِهِ.

السَّمَكِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَهَذَا يُقَوِّي وَجْهَ التَّأَمُّلِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّحْمَ يَشْتَمِلُ عَلَى مَا هُوَ مَقْصُودٌ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ وَهُوَ الْعَظْمُ، فَيَتَفَاوَتُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِتَفَاوُتِ مَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَجْرِي الْمُمَاكَسَةُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ بِالتَّدْلِيسِ وَالنِّزَاعِ فَكَانَ الْمَقْصُودُ مَجْهُولًا جَهَالَةً تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَلَا تَرْتَفِعُ بِبَيَانِ الْمَوْضِعِ وَالْوَزْنِ، وَهَذَا يَقْتَضِي جَوَازَهُ فِي مَنْزُوعِ الْعَظْمِ وَهُوَ مُخْتَارُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ. وَالثَّانِي أَنَّ اللَّحْمَ يَشْتَمِلُ عَلَى السِّمَنِ وَالْهُزَالِ، وَمَقَاصِدُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ. وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ فُصُولِ السَّنَةِ وَبِقِلَّةِ الْكَلَإِ وَكَثْرَتِهِ وَالسَّلَمُ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَجَّلًا، وَلَا يُدْرَى أَنَّهُ عِنْدَ الْمَحَلِّ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ يَكُونُ.

وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ مُفْضِيَةٌ إلَى النِّزَاعِ وَلَا تَرْتَفِعُ بِالْوَصْفِ. وَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِهِ فِي مَخْلُوعِ الْعَظْمِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَالتَّضْمِينُ بِالْمِثْلِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمَا وَلِهَذَا يُضْمَنُ بِالْمِثْلِ بِالْمَنْعِ، وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ فَالْمِثْلُ أَعْدَلُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ رِعَايَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>