للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَّا مُؤَجَّلًا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَجُوزُ حَالًّا لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ. وَلَنَا قَوْلُهُ «إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» فِيمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّهُ شُرِعَ رُخْصَةً

دَفْعًا لِحَاجَةِ الْمَفَالِيسِ

فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَجَلِ لِيَقْدِرَ عَلَى التَّحْصِيلِ فِيهِ فَيُسَلِّمُ،

الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى، وَالْقَبْضُ يُعَايِنُ: يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِقْرَاضَ حَالٌ فَيُعْرَفُ حَالُ مِثْلِ الْمَقْبُوضِ، وَلَا تُفْضِي الْجَهَالَةُ بِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَالْمُسْلَمُ فِيهِ يُعْرَفُ بِالْوَصْفِ وَلَا تَرْتَفِعُ لِجَهَالَةٍ فَلَا يُكْتَفَى بِهِ.

قَالَ (وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَّا مُؤَجَّلًا) السَّلَمُ الْحَالُّ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اسْتَدَلَّ بِإِطْلَاقِ رُخَصٍ فِي السَّلَمِ. لَا يُقَالُ: مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَهُوَ قَوْلُهُ: «إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» لِمَا نَذْكُرُهُ. وَلَنَا قَوْلُهُ: «مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» شَرَطَ لِجَوَازِ السَّلَمِ إعْلَامَ الْأَجَلِ كَمَا شَرَطَ إعْلَامَ الْقَدْرِ. فَإِنْ قِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْ أَرَادَ سَلَمًا مُؤَجَّلًا فَلْيُسْلِمْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَبِهِ نَقُولُ، وَالْحَصْرُ مَمْنُوعٌ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَبْقَ مُقَيَّدًا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمُطْلَقُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: «فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ» فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ فَكَانَ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ كَيْلِيًّا وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ وَزْنِيًّا، فَيُقَدَّرُ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا. فَالْجَوَابُ أَنَّ قَضِيَّةَ الْعَقْلِ كَفَتْ مُؤْنَةَ التَّمْيِيزِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ. سَلَّمْنَاهُ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَحَمُّلِ الْمَحْذُورِ لِضَرُورَةٍ تَحَمُّلُهُ لَا لِضَرُورَةٍ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي التَّقْدِيرِ فِي الْأَجَلِ. لَا يُقَالُ: الْعَمَلُ بِالدَّلِيلِينَ ضَرُورَةٌ فَيُتَحَمَّلُ التَّقْدِيرُ لِأَجَلِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ رَخَّصَ فِي السَّلَمِ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ بِطَرِيقِ الرُّخْصَةِ وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ لِضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ. عَلَى أَنَّ سَوْقَ الْكَلَامِ لِبَيَانِ شُرُوطِ السَّلَمِ لَا لِبَيَانِ الْأَجَلِ فَلْيُتَأَمَّلْ؛ وَلِأَنَّ السَّلَمَ شُرِعَ رُخْصَةً لِدَفْعِ حَاجَةِ الْمَفَالِيسِ. إذْ الْقِيَاسُ عَدَمُ جَوَازِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ، وَمَا شُرِعَ لِذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>