وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّسْلِيمِ لَمْ يُوجَدْ الْمُرَخِّصُ فَبَقِيَ عَلَى النَّافِي.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ) لِمَا رَوَيْنَا، وَلِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْأَجَلُ أَدْنَاهُ شَهْرٌ
لَا بُدَّ وَأَنْ يَثْبُتَ عَلَى وَجْهٍ يَنْدَفِعُ بِهِ حَاجَةُ الْمَفَالِيسِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُفِيدًا لِمَا شُرِعَ لَهُ، وَالسَّلَمُ الْحَالُّ لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْحَاجَةِ يَعْتَمِدُ الْحَاجَةَ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِيهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى التَّسْلِيمِ فِي الْحَالِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا حَاجَةَ فَلَا دَفْعَ فَلَا مُرَخِّصَ فَبَقِيَ عَلَى النَّافِي، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا بُدَّ مِنْ الْأَجَلِ لِيَحْصُلَ فَيُسْلَمُ وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى النِّزَاعِ الْمُخْرِجِ لِلْمُفْلِسِ وَعَادَ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ شَرْعِيَّةُ السَّلَمِ كَمَا ذَكَرْتُمْ لَمَا جَازَ مِمَّنْ عِنْدَهُ أَكْرَارُ حِنْطَةٍ. أُجِيبَ بِأَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَدْنَى الثَّمَنَيْنِ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْعَدَمِ، وَحَقِيقَتُهُ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ فَأُقِيمَ السَّبَبُ الظَّاهِرُ الدَّالُّ عَلَيْهِ مَقَامَهُ وَبُنِيَ عَلَيْهِ هَذِهِ الرُّخْصَةُ كَمَا فِي رُخْصَةِ الْمُسَافِرِ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ) إذَا ثَبَتَ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مَعْلُومًا بِمَا رَوَيْنَا؛ وَبِالْمَعْقُولِ وَهُوَ أَنَّ الْجَهَالَةَ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute