للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ

(وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِمِكْيَالِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا بِذِرَاعِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ) مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ مِقْدَارُهُ لِأَنَّهُ تَأَخَّرَ فِيهِ التَّسْلِيمُ فَرُبَّمَا يَضِيعُ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَقَدْ مَرَّ مِنْ قَبْلُ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ مِمَّا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ كَالْقِصَاعِ مَثَلًا، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْكَبِسُ بِالْكَبْسِ كَالزِّنْبِيلِ وَالْجِرَابِ لَا يَجُوزُ لِلْمُنَازَعَةِ إلَّا فِي قُرْبِ الْمَاءِ لِلتَّعَامُلِ فِيهِ، كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ . قَالَ (وَلَا فِي طَعَامِ قَرْيَةٍ بِعَيْنِهَا) أَوْ ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَعْتَرِيهِ آفَةٌ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ

فِي الْبَيْعِ، فَهَذَا يُطَالِبُهُ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ وَذَلِكَ يُؤَدِّيهِ فِي بِعِيدِهَا. وَاخْتُلِفَ فِي أَدْنَى الْأَجَلِ فَقِيلَ أَدْنَاهُ شَهْرٌ اسْتِدْلَالًا بِمَسْأَلَةِ كِتَابِ الْأَيْمَانِ. حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ عَاجِلًا فَقَضَاهُ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ بَرَّ فِي يَمِينِهِ، فَإِذَا كَانَ مَا دُونَ الشَّهْرِ فِي حُكْمِ الْعَاجِلِ كَانَ الشَّهْرُ وَمَا فَوْقَهُ فِي حُكْمِ الْآجِلِ، وَقِيلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْبَغْدَادِيُّ أُسْتَاذُ الطَّحَاوِيِّ عَنْ أَصْحَابِنَا اعْتِبَارًا بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ ثَمَّ بَيَانُ أَقْصَى الْمُدَّةِ، فَأَمَّا أَدْنَاهُ فَغَيْرُ مُقَدَّرٍ، وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ مَا كَانَ مَقْبُوضًا فِي الْمَجْلِسِ وَالْمُؤَجَّلُ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ عَنْ الْمَجْلِسِ وَلَا يَبْقَى الْمَجْلِسُ بَيْنَهُمَا فِي الْعَادَةِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ، وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِكَوْنِهِ مُدَّةً يُمْكِنُ تَحْصِيلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِيهَا وَلِمَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ.

قَالَ (وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِمِكْيَالِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ) لَا يَصِحُّ السَّلَمُ بِمِكْيَالِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا بِذِرَاعِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مِقْدَارُهُ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي السَّلَمِ مُتَأَخِّرٌ فَرُبَّمَا يَضِيعُ الْمِكْيَالُ أَوْ الذِّرَاعُ فَيُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمِكْيَالَ إذَا كَانَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَالذِّرَاعَ كَذَلِكَ أَوْ بَاعَ بِذَلِكَ الْإِنَاءَ الْمَجْهُولَ الْقَدْرِ يَدًا بِيَدٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْأَمْنِ مِنْ الْمُنَازَعَةِ، وَقَدْ مَرَّ: يَعْنِي فِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ أَنَّ الْبَيْعَ يَدًا بِيَدٍ بِمِكْيَالٍ لَا يُعْرَفُ مِقْدَارُهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يُتَعَجَّلُ فِيهِ فَيَنْدُرُ الْهَلَاكُ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ مِمَّا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ كَمَا إذَا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ خَزَفٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ نَحْوِهَا، أَمَّا إذَا كَانَ مِمَّا يَنْكَبِسُ بِالْكَبْسِ كَالزِّنْبِيلِ بِكَسْرِ الزَّايِ؛ لِأَنَّ فُعَيْلًا بِفَتْحِ الْفَاءِ لَيْسَ مِنْ أَبْنِيَتِهِمْ وَالْجَوَابُ وَالْغِرَارَةُ وَالْجُوَالِقُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ اسْتَحْسَنَ فِي قِرَبِ الْمَاءِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ سِقَاءٍ كَذَا كَذَا قِرْبَةً بِهَذِهِ الْقِرْبَةِ مِنْ مَاءٍ لِلتَّعَامُلِ.

قَالَ (وَلَا فِي طَعَامِ قَرْيَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا)؛ لِأَنَّ انْقِطَاعَهُ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ بِعُرُوضِ آفَةٍ مَوْهُومٌ (فَتَنْتَفِي الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>