للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُقِيمَ مَقَامَ حَقِيقَةِ الْوَطْءِ لِخَفَائِهِ وَمِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ.

(وَإِذَا قَالَتْ الْمُعْتَدَّةُ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ الْيَمِينِ) لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ اُتُّهِمَتْ بِالْكَذِبِ فَتَحْلِفُ كَالْمُودِعِ.

(وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّتِهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَعَلَيْهِ مَهْرٌ كَامِلٌ وَعَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهِ إتْمَامُ الْعِدَّةِ الْأُولَى) لِأَنَّ هَذَا طَلَاقٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَا يُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ وَلَا اسْتِئْنَافَ الْعِدَّةِ، وَإِكْمَالُ الْعِدَّةِ الْأُولَى إنَّمَا يَجِبُ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ حَالَ

آخِرُ الْوَطَآتِ. فَإِنْ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ حَقِيقَةَ الْوَطْءِ أَمْرٌ خَفِيٌّ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى مَعْرِفَةِ الْعِدَّةِ إنَّمَا هِيَ لِلزَّوْجَيْنِ وَحَقِيقَةُ الْوَطْءِ لَيْسَتْ بِخَفِيَّةِ النَّسَبِ إلَيْهِمَا. قُلْت: قَدْ أَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ (وَمِسَاسُ الْحَاجَةِ إلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْوَاطِئِ وَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَقِيلَ وَكَذَا أُخْتُ الْمَوْطُوءَةِ وَأَرْبَعٌ سِوَاهَا، وَلَا خَفَاءَ فِي مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي النُّكْتَتَيْنِ، وَلَمْ أَجِدْ فِي الشُّرُوحِ مَا يُطَابِقُ مَقْصُودَهُ فَذَكَرْت مَا خَاطِرِي أَبُو عُذْرِهِ وَجَهْدُ الْمُقِلِّ دُمُوعُهُ.

وَقَوْلُهُ (وَإِذَا قَالَتْ الْمُعْتَدَّةُ انْقَضَتْ عِدَّتِي) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (فَتَخَلَّفَ كَالْمُودَعِ) يَعْنِي إذَا قَالَ هَلَكَتْ الْوَدِيعَةُ أَوْ قَالَ رَدَدْتهَا وَأَنْكَرَ الْمُودِعُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَمَا عَلَى الْأَمِينِ إلَّا الْيَمِينُ.

قَالَ (وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا بَائِنًا) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَعْرُوفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّتِمَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ كُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الدُّخُولَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ هَلْ يَكُونُ دُخُولًا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي أَوْ لَا؟ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ ظَاهِرَةٌ.

وَوَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ هَذَا طَلَاقٌ قَبْلَ الْمَسِيسِ وَالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ، وَكُلُّ طَلَاقٍ يَكُونُ كَذَلِكَ لَا يُوجِبُ كَمَالَ الْمَهْرِ وَلَا اسْتِئْنَافَ الْعِدَّةِ فَإِنْ قِيلَ: فَعَلَامَ يَجِبُ عَلَيْهَا إكْمَالُ الْعِدَّةِ الْأُولَى؟ أَجَابَ بِقَوْلِهِ: وَإِكْمَالُ الْعِدَّةِ الْأُولَى إنَّمَا وَجَبَ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>