فَلَا يَثْبُتُ الِاخْتِلَافُ بِالشَّكِّ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفِعْلِ الْعَمْدُ فَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةُ. .
قَالَ: (وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا فَقَالَ الْوَلِيُّ: قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعًا فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمَا، وَإِنْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا وَشَهِدَ آخَرُونَ عَلَى آخَرَ بِقَتْلِهِ وَقَالَ الْوَلِيُّ: قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعًا بَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِقْرَارَ وَالشَّهَادَةَ يَتَنَاوَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وُجُودَ كُلِّ الْقَتْلِ وَوُجُوبَ الْقِصَاصِ، وَقَدْ حَصَلَ التَّكْذِيبُ فِي الْأُولَى مِنْ الْمُقِرِّ لَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ، غَيْرَ أَنَّ تَكْذِيبَ الْمُقِرِّ لَهُ الْمُقِرُّ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يُبْطِلُ إقْرَارَهُ فِي الْبَاقِي، وَتَكْذِيبُ الْمَشْهُودِ لَهُ الشَّاهِدَ فِي بَعْضِ مَا شَهِدَ بِهِ يُبْطِلُ شَهَادَتَهُ أَصْلًا، لِأَنَّ التَّكْذِيبَ تَفْسِيقٌ وَفِسْقُ الشَّاهِدِ يَمْنَعُ الْقَبُولَ، أَمَّا فِسْقُ الْمُقِرِّ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ. .
هُنَالِكَ وُرُودًا هَاهُنَا، وَقَوْلُهُ (فَلَا يَثْبُتُ الِاخْتِلَافُ بِالشَّكِّ) يَعْنِي إذَا اُحْتُمِلَ أَنْ يَكُونُوا عَالِمِينَ وَأَجْمَلُوا وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يَكُونُوا كَذَلِكَ وَقَعَ الشَّكُّ، وَالِاخْتِلَافُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ (وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْفِعْلِ الْعَمْدُ فَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ).
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلَانِ إلَخْ) مَسْأَلَتَانِ مَبْنَاهُمَا عَلَى أَنَّ تَكْذِيبَ الْمَقَرِّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يُبْطِلُ إقْرَارَهُ فِي الْبَاقِي، فَإِنَّ مَنْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَصَدَّقَهُ الْمَقَرُّ لَهُ فِي النِّصْفِ وَكَذَّبَهُ فِي النِّصْفِ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ فِيمَا صَدَّقَهُ، وَتَكْذِيبُ الْمَشْهُودِ لَهُ الشَّاهِدَ فِي بَعْضِ مَا يَشْهَدُ بِهِ يُبْطِلُ شَهَادَتَهُ أَصْلًا لِكَوْنِهِ تَفْسِيقًا لَهُ، وَفِسْقُ الشَّاهِدِ يَمْنَعُ الْقَبُولَ، بِخِلَافِ فِسْقِ الْمُقِرِّ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَكْذَبَهُ فِي كُلِّ مَا أَقَرَّ بِهِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُ رَدٌّ لِإِقْرَارِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ الْمَقَرُّ لَهُ بَدَلَ قَوْلِهِ قَتَلْتُمَاهُ صَدَقْتُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute