للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ «أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُزْهِيَ، وَعَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ»؛ وَلِأَنَّهُ حَبٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي سُنْبُلِهِ كَالشَّعِيرِ وَالْجَامِعُ كَوْنُهُ مَالًا مُتَقَوِّمًا، بِخِلَافِ تُرَابِ الصَّاغَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا، حَتَّى لَوْ بَاعَهُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ جَازَ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَوْ بَاعَهُ بِجِنْسِهِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِشُبْهَةِ الرِّبَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا فِي السَّنَابِلِ.

وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ " أَنَّهُ «نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ، وَعَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ»، وَحُكْمُ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ خِلَافُ حُكْمِ مَا قَبْلَهَا. وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِمَفْهُومِ الْغَايَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ نَهَى فَإِنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْمَشْرُوعِيَّةَ كَمَا عُرِفَ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ حَبٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ) كَأَنَّهُ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ مَسْتُورٌ بِمَا لَا مَنْفَعَةَ لَهُ. وَتَقْرِيرُهُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ أَيْ الْمَبِيعُ بِقِشْرِهِ حَبٌّ مُنْتَفَعٌ بِهِ، وَمَنْ أَكَلَ الْفُولِيَّةَ شَهِدَ بِذَلِكَ وَأَنَّ الْحُبُوبَ الْمَذْكُورَةَ تُدَّخَرُ فِي قِشْرِهَا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ﴾ وَهُوَ انْتِفَاعٌ لَا مَحَالَةَ. فَجَازَ الْبَيْعُ كَبَيْعِ الشَّعِيرِ بِجَامِعِ كَوْنِهِمَا مَالَيْنِ مُتَقَوِّمَيْنِ يُنْتَفَعُ بِهِمَا. وَبَيْعُ تُرَابِ الصَّاغَةِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا حَتَّى إذَا بِيعَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ جَازَ. وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَوْ بِيعَ بِجِنْسِهِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِشُبْهَةِ الرِّبَا لِجَهَالَةِ قَدْرِ مَا فِي السُّنْبُلَةِ. فَإِنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَبَيْنَ مَا إذَا بَاعَ حَبَّ قُطْنٍ فِي قُطْنٍ بِعَيْنِهِ أَوْ نَوَى تَمْرٍ فِي تَمْرٍ بِعَيْنِهِ وَهُمَا سِيَّانِ فِي كَوْنِ الْمَبِيعِ مُغَلَّفًا؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي السُّنْبُلَةِ الْحِنْطَةُ، يُقَالُ هَذِهِ حِنْطَةٌ وَهِيَ فِي سُنْبُلِهَا وَلَا يُقَالُ

<<  <  ج: ص:  >  >>