للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ وَاسْتَثْنَى نَخْلًا مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ. قَالَ : قَالُوا هَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ؛ أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا يَجُوزُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ، وَبَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ جَائِزٌ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ، بِخِلَافِ اسْتِثْنَاءِ الْحِمْلِ وَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ.

بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَثْنَى نَخْلًا مُعَيَّنًا لِأَنَّ الْبَاقِيَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ) كَمْ هِيَ نَخْلَةٌ، قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَالُوا هَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْمَانِعَةَ مِنْ الْجَوَازِ مَا كَانَتْ مُفْضِيَةً إلَى النِّزَاعِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِتَرَاضِيهِمَا بِذَلِكَ فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً. وَأُجِيبَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَرُبَّمَا كَانَ الْبَائِعُ يَطْلُبُ صَاعًا مِنْ الثَّمَرِ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ وَالْمُشْتَرِي يَدْفَعُ إلَيْهِ مَا هُوَ أَرَادَ الثَّمَرَ فَيُفْضِي إلَى النِّزَاعِ. سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَكِنْ بِجَوَازِ تَرَاضِيهِمَا عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ قَدْ لَا يَكُونُ الثَّمَرُ إلَّا قَدْرَ الْمُسْتَثْنَى فَيَخْلُو الْعَقْدُ عَنْ الْفَائِدَةِ فَلَا يَصِحُّ، كَمَا لَا يَصِحُّ مِثْلُهُ فِي الْمُضَارَبَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ يُشِيرُ إلَى هَذَا قَوْلُهُ أَرْطَالًا مَعْلُومَةً. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى صَاعًا وَاحِدًا أَوْ رِطْلًا وَاحِدًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَبِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ لَا، وَكُلٌّ مِنْ التَّقْدِيرَيْنِ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ؛ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مَعْلُومٌ لِكَوْنِ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومًا، سَلَّمْنَا أَنَّ الْبَاقِيَ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَزْنًا لَكِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَّا إذَا بَاعَ مُوَازَنَةً وَلَيْسَ الْفَرْضُ ذَلِكَ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فِي الْبَاقِي مُجَازَفَةً وَهُوَ مَعْلُومٌ مُشَاهَدَةً. وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ فَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ، وَأَمَّا فِي الْحَالِ فَلَا يُعْرَفُ هَلْ يَبْقَى بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ شَيْءٌ أَوْ لَا فَصَارَ مَجْهُولًا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُفْضِيَةً إلَى النِّزَاعِ فَهُوَ أَوَّلُ الْمَسْأَلَةِ، ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ (أَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ) يُرِيدُ بِهِ عَلَى قِيَاسِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَإِنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ يُذْكَرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ صَرِيحًا وَلِهَذَا قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَا يَجُوزُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَبَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ جَائِزٌ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ، وَيَنْعَكِسُ إلَى أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَفِي بَيْعِ أَطْرَافِ الْحَيَوَانِ فِيهِ وَحَمْلِهِ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ بِانْفِرَادِهِ فَكَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَهَذَا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى مَقْصُودًا مَعْلُومًا، وَإِفْرَادُ الْعَقْدِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ

<<  <  ج: ص:  >  >>