وَلَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِلِاخْتِلَاطِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ، وَكَذَا فِي الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ، وَالْمَخْلَصُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُصُولَ لِتَحْصُلَ الزِّيَادَةُ عَلَى مِلْكِهِ.
قَالَ (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَةً وَيَسْتَثْنِيَ مِنْهَا، أَرْطَالًا مَعْلُومَةً) خِلَافًا لِمَالِكٍ ﵀؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مَجْهُولٌ،.
كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَمْ يَفْسُدْ الْبَيْعُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ قَدْ وُجِدَ وَحَدَثَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ وَاخْتَلَطَ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِلِاخْتِلَاطِ، وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِ الزَّائِدِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي يَدِهِ فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهُ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يُفْتِي بِجَوَازِهِ وَيَزْعُمُ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الْجَلِيلِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ ﵀ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي بِجَوَازِهِ وَيَقُولُ اجْعَلْ الْمَوْجُودَ أَصْلًا وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَعًا، وَلِهَذَا شُرِطَ أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ أَكْثَرَ
(قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ إذَا حَدَثَ شَيْءٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِذَا حَدَثَ بَعْدَهُ يَشْتَرِكَانِ (وَالْمُخَلِّصُ) أَيْ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ فِيمَا إذَا حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُصُولَ لِتَحْصُلَ الزِّيَادَةُ عَلَى مِلْكِهِ، وَلِهَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: إنَّمَا يَجُوزُ بِجَعْلِ الْمَوْجُودِ أَصْلًا وَالْحَادِثِ تَبَعًا إذَا كَانَ ثَمَّةَ ضَرُورَةٌ، وَلَا ضَرُورَةَ هَاهُنَا لِانْدِفَاعِهَا بِبَيْعِ الْأُصُولِ
(قَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَةً) إذَا بَاعَ ثَمَرَةً (وَاسْتَثْنَى مِنْهَا أَرْطَالًا مَعْلُومَةً لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِمَالِكٍ) وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ مُرَادَهُ الثَّمَرَةُ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ أَوْ ثَمَرَةٌ مَجْذُوذَةٌ، وَذُكِرَ فِي بَعْضِ فَوَائِدِ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ مُرَادَهُ مَا كَانَ عَلَى النَّخِيلِ.
وَأَمَّا بَيْعُ الْمَجْذُوذِ فَجَائِزٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا بَاعَ الثَّمَرَ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ إلَّا صَاعًا مِنْهَا يَجُوزُ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومٌ، كَمَا إذَا كَانَ الثَّمَرُ مَجْذُوذًا مَوْضُوعًا عَلَى الْأَرْضِ فَبَاعَ الْكُلَّ إلَّا صَاعًا يَجُوزُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا سَوَاءٌ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مَجْهُولٌ) وَالْمَجْهُولُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ، وَهَذَا يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا سَوَاءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute