للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ بِقَدْرِ مَا تَثْبُتُ بِهِ الشَّرِكَةُ.

أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ ، لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ صَارَ مَعْلُومًا وَصَارَ نِصْفُ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْبَيْعِ مَضْمُونًا عَلَى صَاحِبِهِ بِالثَّمَنِ فَكَانَ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ مَالَيْهِمَا رِبْحَ مَالٍ مَضْمُونٍ عَلَيْهِمَا فَيَجُوزُ

وَلِهَذَا لَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا عَرْضَهُ بِنِصْفِ دَرَاهِمِ صَاحِبِهِ ثُمَّ عَقَدَا شَرِكَةَ عِنَانٍ أَوْ مُفَاوَضَةٍ يَجُوزُ لِزَوَالِ الْجَهَالَةِ لِصَيْرُورَةِ الْعُرُوضِ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَكَذَا هَذَا. وَقِيلَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ كَمَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بَعْدَ الْخَلْطِ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُضَافًا إلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَعَقْدُ الشَّرِكَةِ يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ لِأَنَّهُ عَقْدُ تَوْكِيلٍ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْعَقْدُ عَلَى الدَّرَاهِمِ. وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَقْدُ الشَّرِكَةِ بِالِاتِّفَاقِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْفِقْهِ لِبَقَاءِ جَهَالَةِ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ، بِخِلَافِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بَعْدَ الْخَلْطِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِزَوَالِ الْجَهَالَةِ أَصْلًا لِأَنَّهَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ نِصْفَ عَرْضِهِ بِنِصْفِ دَرَاهِمِ صَاحِبِهِ ثُمَّ اشْتَرَكَا لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ بِهَذَا الْعَقْدِ صَارَتْ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ ذَلِكَ رَأْسَ مَالِهِمَا ثُمَّ يَثْبُتُ حُكْمُ الشَّرِكَةِ فِي الْعُرُوضِ تَبَعًا، وَقَدْ يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ تَبَعًا مَا لَا يَجُوزُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ كَبَيْعِ الشِّرْبِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ. ثُمَّ الْمُصَنِّفُ اخْتَارَ عَدَمَ الْجَوَازِ وَعَدَلَ عَمَّا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فَقَالَ: وَهَذِهِ شَرِكَةُ مِلْكٍ عِنْدِي لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ شَرِكَةُ عَقْدٍ وَلَا اعْتِبَارَ بِهَذَا الْعَقْدِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْعُرُوضَ لَا تَصْلُحُ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ، وَنَظِيرُهُ مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ أَنْ يَنْوِيَ الطَّهَارَةَ، ثُمَّ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَالنِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ، وَلَهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ. وَقَوْلُهُ (يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ بِقَدْرِ مَا تَثْبُتُ بِهِ الشَّرِكَةُ) نَظِيرُهُ مَا إذَا كَانَ قِيمَةُ عُرُوضِ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَقِيمَةُ عُرُوضِ الْآخَرِ مِائَةَ دِرْهَمٍ يَبِيعُ صَاحِبُ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ عَرْضِهِ بِخُمُسِ عَرْضِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ الْمَتَاعُ كُلُّهُ أَخْمَاسًا وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ رَأْسِ مَالَيْهِمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>