وَتَقْدِيمُ طَوَافِ التَّحِيَّةِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ لِأَنَّ التَّقْدِيمَ وَالتَّأْخِيرَ فِي الْمَنَاسِكِ لَا يُوجِبُ الدَّمَ عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَهُ طَوَافُ التَّحِيَّةِ سُنَّةٌ وَتَرْكُهُ لَا يُوجِبُ الدَّمَ فَتَقْدِيمُهُ أَوْلَى. وَالسَّعْيُ بِتَأْخِيرِهِ بِالِاشْتِغَالِ بِعَمَلٍ آخَرَ لَا يُوجِبُ الدَّمَ فَكَذَا بِالِاشْتِغَالِ بِالطَّوَافِ.
قَالَ (وَإِذَا رَمَى الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ذَبَحَ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً أَوْ سُبُعَ بَدَنَةٍ فَهَذَا دَمُ الْقِرَانِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُتْعَةِ وَالْهَدْيُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِيهَا، وَالْهَدْيُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَرَادَ بِالْبَدَنَةِ هَاهُنَا الْبَعِيرَ وَإِنْ كَانَ اسْمُ الْبَدَنَةِ يَقَعُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَقَرَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَكَمَا يَجُوزُ سُبُعُ الْبَعِيرِ يَجُوزُ سُبُعُ الْبَقَرَةِ (فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَذْبَحُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ
وَقَوْلُهُ (وَالسَّعْيُ بِتَأْخِيرِهِ) يَعْنِي أَنَّ تَأْخِيرَ سَعْيِ الْعُمْرَةِ (بِالِاشْتِغَالِ بِعَمَلٍ آخَرَ) كَالْأَكْلِ وَالنَّوْمِ، وَإِنْ كَانَ يَوْمًا (لَا يُوجِبُ الدَّمَ فَكَذَا بِالِاشْتِغَالِ بِطَوَافِ التَّحِيَّةِ)
قَالَ (وَإِذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ ذَبَحَ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ بَدَنَةً أَوْ سُبُعَ بَدَنَةٍ فَهَذَا دَمُ الْقِرَانِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُتْعَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ وَالْهَدْيُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِيهَا (بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ وَلِهَذَا عَيْنُ الذَّبْحِ هَاهُنَا)، وَقَالَ فِي الْمُفْرِدِ: ثُمَّ يَذْبَحُ إنْ أَحَبَّ (وَالْهَدْيُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عَلَى مَا يُذْكَرُ فِي بَابِهِ) وَأَرَادَ بِالْبَدَنَةِ هَاهُنَا الْبَعِيرَ، وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: أَنْتُمْ تَقُولُونَ الْبَدَنَةُ تُطْلَقُ عَلَى الْبَعِيرِ وَالْبَقَرَةِ فَكَيْفَ قَالَ هَاهُنَا بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً؟ وَتَقْرِيرُهُ: نَحْنُ لَا نُنْكِرُ جَوَازَ إطْلَاقِ الْبَدَنَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَعْنَيَيْهِ مُفْرَدًا وَهَاهُنَا كَذَلِكَ. فَإِنْ قِيلَ: سَلَّمْنَا ذَلِكَ لَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى: أَيْ يُنْقَلُ إلَى الْحَرَمِ وَسُبُعُ الْبَدَنَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ هَدْيٌ فَفَعَلَ كَانَ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَهُوَ شَاةٌ.
فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقِيَاسَ مَا ذَكَرْتُمْ، وَلَكِنْ ثَبَتَ جَوَازُ سُبُعِ الْبَدَنَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ ﵁ قَالَ: «اشْتَرَكْنَا حِينَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْبَقَرَةِ سَبْعَةٌ، وَفِي الْبَدَنَةِ سَبْعَةٌ، وَفِي الشَّاةِ وَاحِدٌ» وَأَمَّا فِي النَّذْرِ إذَا نَوَى سُبُعَ بَدَنَةٍ فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ التَّسْلِيمِ فَالْفَرْقُ أَنَّ النَّذْرَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ كَالْيَمِينِ وَبَعْضُ الْهَدْيِ لَيْسَ بِهَدْيٍ عُرْفًا (فَإِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَذْبَحُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) أَيْ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَ قَبْلَ يَوْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute