للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَوْمَ التَّرْوِيَةِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْمَسْجِدِ) وَالشَّرْطُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْحَرَمِ أَمَّا الْمَسْجِدُ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ؛ وَهَذَا لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَكِّيِّ، وَمِيقَاتُ الْمَكِّيِّ فِي الْحَجِّ الْحَرَمُ عَلَى مَا بَيَّنَّا (وَفَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ الْمُفْرِدُ)؛ لِأَنَّهُ مُؤَدٍّ لِلْحَجِّ إلَّا أَنَّهُ يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَيَسْعَى بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَوَّلُ طَوَافٍ لَهُ فِي الْحَجِّ، بِخِلَافِ الْمُفْرِدِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَعَى مَرَّةً، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ طَافَ وَسَعَى قَبْلَ أَنْ يَرُوحَ إلَى مِنًى لَمْ يَرْمُلْ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَلَا يَسْعَى بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِذَلِكَ مَرَّةً (وَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتَمَتِّعِ) لِلنَّصِّ الَّذِي تَلَوْنَاهُ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ) عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي الْقِرَانِ (فَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ ثُمَّ اعْتَمَرَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الثَّلَاثَةِ)؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِ هَذَا الصَّوْمِ التَّمَتُّعُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْهَدْيِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ مُتَمَتِّعٍ فَلَا يَجُوزُ أَدَاؤُهُ قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهِ (وَإِنْ صَامَهَا) بِمَكَّةَ (بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ جَازَ عِنْدَنَا) خِلَافًا لَلشَّافِعِيِّ لَهُ قَوْله تَعَالَى

يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ الْمَسْجِدِ)، وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا شَرْطًا، فَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ الْمُسَارَعَةِ وَالرَّغْبَةِ فِي الْعِبَادَةِ، وَلِأَنَّهُ أَشَقُّ فَكَانَ أَفْضَلَ، وَكَذَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ جَازَ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ. وَقَوْلُهُ: (عَلَى مَا بَيَّنَّا) أَرَادَ بِهِ مَا ذَكَرَهُ فِي آخِرِ فَصْلِ الْمَوَاقِيتِ بِقَوْلِهِ وَمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ فَوَقْتُهُ فِي الْحَجِّ الْحَرَمُ وَفِي الْعُمْرَةِ الْحِلُّ، وَقَوْلُهُ: (وَفَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ الْمُفْرِدُ) يَعْنِي خَلَا أَنَّهُ لَا يَطُوفُ طَوَافَ التَّحِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَلَّ صَارَ هُوَ وَالْمَكِّيُّ سَوَاءً وَلَا تَحِيَّةَ لِلْمَكِّيِّ. وَ (يَرْمُلُ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَيَسْعَى بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَوَّلُ طَوَافٍ لَهُ فِي الْحَجِّ)، وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَمَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ طَافَ) يَعْنِي طَوَافَ الْقُدُومِ (وَسَعَى قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مِنًى لَمْ يَرْمُلْ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ وَلَا يَسْعَى بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِذَلِكَ مَرَّةً) وَلَا تَكْرَارَ فِيهِ، ثُمَّ الرَّمَلُ هَاهُنَا يَسْقُطُ سَوَاءً رَمَلَ فِي طَوَافِ التَّحِيَّةِ أَوْ لَمْ يَرْمُلْ وَلِهَذَا سَكَتَ عَنْ ذِكْرِهِ، فَلَمْ يَقُلْ: طَافَ وَرَمَلَ؛ لِأَنَّ الرَّمَلَ إنَّمَا شُرِعَ فِي طَوَافٍ بَعْدَهُ سَعْيٌ، وَلَا سَعْيَ هَاهُنَا؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ مَرَّةً. وَفِي هَذَا الْكَلَامِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ طَوَافَ التَّحِيَّةِ مَشْرُوعٌ لِلتَّمَتُّعِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ رَمَلُهُ وَسَعْيُهُ فِيهِ. وَقَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ دَمُ الْمُتَمَتِّعِ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) يَعْنِي أَنَّهُ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى يُحْرِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>