للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَا بَيَّنَّا.

(وَمَنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ وَحَلَّ فَمَا دَامَ بِمَكَّةَ يُعِيدُهُمَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَمَّا إعَادَةُ الطَّوَافِ فَلِتَمَكُّنِ النَّقْصِ فِيهِ بِسَبَبِ الْحَدَثِ. وَأَمَّا السَّعْيُ فَلِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلطَّوَافِ، وَإِذَا أَعَادَهُمَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِارْتِفَاعِ النُّقْصَانِ (وَإِنْ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِ الطَّهَارَةِ فِيهِ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ لِوُقُوعِ التَّحَلُّلِ بِأَدَاءِ الرُّكْنِ إذْ النُّقْصَانُ يَسِيرٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي السَّعْيِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ عَلَى أَثَرِ طَوَافٍ مُعْتَدٍّ بِهِ، وَكَذَا إذَا أَعَادَ الطَّوَافَ وَلَمْ يُعِدْ السَّعْيَ فِي الصَّحِيحِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ. وَفَائِدَةُ نَقْلِ طَوَافِ الصَّدْرِ إلَى طَوَافِ الزِّيَارَةِ سُقُوطُ الْبَدَنَةِ عَنْهُ، وَهَاهُنَا أَصْلٌ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ طَوَافٌ وَأَتَى بِهِ فِي وَقْتِهِ وَقَعَ عَنْهُ سَوَاءٌ نَوَاهُ بِعَيْنِهِ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ أَوْ نَوَى بِهِ طَوَافًا آخَرَ، فَالْمُحْرِمُ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ فَطَافَ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا أَوْ نَوَى التَّطَوُّعَ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا وَقَعَ عَنْ الْعُمْرَةِ وَإِنْ كَانَ حَاجًّا وَقَعَ عَنْ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَإِنْ كَانَ قَارِنًا كَانَ الطَّوَافُ الْأَوَّلُ لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ مَا بَعْدَهُ لِلْحَجِّ سَوَاءٌ نَوَى التَّطَوُّعَ أَوْ طَوَافًا آخَرَ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ قَدْ انْعَقَدَ لِأَدَائِهِ، فَإِذَا أَتَى بِهِ وَقَعَ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ بِنِيَّتِهِ، كَمَا إذَا سَجَدَ يَنْوِي بِهِ تَطَوُّعًا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِنِيَّتِهِ وَوَقَعَتْ السَّجْدَةُ عَمَّا هُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: (عَلَى مَا بَيَّنَّا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ: وَمَنْ تَرَكَ طَوَافَ الصَّدْرِ أَوْ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ شَاةٌ، إلَى قَوْلِهِ: وَمَا دَامَ بِمَكَّةَ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ.

وَقَوْلُهُ: (وَمَنْ طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَسَعَى عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ) وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ: (وَأَمَّا السَّعْيُ) يَعْنِي إنَّمَا يُعِيدُ السَّعْيَ وَإِنْ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الطَّهَارَةِ لِعَدَمِ وُرُودِ مَا وَرَدَ فِي الطَّوَافِ مِنْ النَّصِّ فِيهِ لِكَوْنِهِ تَابِعًا لِلطَّوَافِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ قُرْبَةً بِدُونِ الطَّوَافِ. وَقَوْلُهُ: (وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي السَّعْيِ شَيْءٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَقَوْلُهُ: (وَكَذَا إذَا أَعَادَ الطَّوَافَ وَلَمْ يُعِدْ السَّعْيَ) يَعْنِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

وَقَوْلُهُ: (فِي الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَمَّا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ إذَا أَعَادَ الطَّوَافَ وَلَمْ يُعِدْ السَّعْيَ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَعَادَ الطَّوَافَ فَقَدْ نَقَضَ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ، فَإِذَا انْتَقَضَ ذَلِكَ حَصَلَ السَّعْيُ قَبْلَ الطَّوَافِ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فَيَكُونُ تَارِكًا لِلسَّعْيِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ. وَوَجْهُ الصَّحِيحِ وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَالْإِمَامِ الْمَحْبُوبِيِّ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي السَّعْيِ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>