عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا.
(وَإِنْ تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِأَنَّهُ نُسُكٌ تَامٌّ (وَمَنْ تَرَكَ رَمْيَ إحْدَى الْجِمَارِ الثَّلَاثِ فَعَلَيْهِ الصَّدَقَةُ) لِأَنَّ الْكُلَّ فِي هَذَا الْيَوْمِ نُسُكٌ وَاحِدٌ فَكَانَ الْمَتْرُوكُ أَقَلَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الدَّمُ لِوُجُودِ تَرْكِ الْأَكْثَرِ (وَإِنْ تَرَكَ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِأَنَّهُ كُلُّ وَظِيفَةِ هَذَا الْيَوْمِ رَمْيًا وَكَذَا إذَا تَرَكَ الْأَكْثَرَ مِنْهَا (وَإِنْ تَرَكَ مِنْهَا حَصَاةً أَوْ حَصَاتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا تَصَدَّقَ لِكُلِّ حَصَاةٍ نِصْفَ صَاعٍ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ دَمًا فَيُنْقِصَ مَا شَاءَ) لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ هُوَ الْأَقَلُّ فَتَكْفِيهِ الصَّدَقَةُ.
(وَمَنْ أَخَّرَ الْحَلْقَ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا إذَا أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ) حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ (فَعَلَيْهِ دَمٌ عِنْدَهُ وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ) وَكَذَا الْخِلَافُ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ وَفِي تَقْدِيمِ نُسُكٍ عَلَى نُسُكٍ
عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا، وَإِنْ تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ وَاحِدٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ تَامٌّ)، فَإِنْ قِيلَ: هَذَا بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا نَفَرَ النَّفْرَ الْأَوَّلَ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ رَمْيَ يَوْمٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالنَّفْرِ، وَذَلِكَ آيَةُ التَّطَوُّعِ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ التَّخْيِيرَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَأَمَّا إذَا طَلَعَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِقَامَةُ وَالرَّمْيُ، فَلَوْ تَرَكَ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ فَكَانَ كَالتَّطَوُّعِ يُخَيَّرُ فِيهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ وَيَجِبُ بَعْدَهُ.
وَقَوْلُهُ: (وَمَنْ تَرَكَ رَمْيَ إحْدَى الْجِمَارِ) مَبْنَاهُ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ نُسُكَ يَوْمٍ فَتَرْكُهُ يُوجِبُ الدَّمَ، وَمَا كَانَ بَعْضُهُ الْأَقَلَّ فَتَرْكُهُ يُوجِبُ الصَّدَقَةَ، فَعَلَى هَذَا إذَا تَرَكَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ يَلْزَمُهُ دَمٌ، وَإِنْ تَرَكَهَا فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ يَلْزَمُهُ صَدَقَةٌ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْضِهِ فِي أَيَّامِ الرَّمْيِ، فَأَمَّا إذَا قَضَاهُ فِيهَا فَقَدْ سَقَطَ الدَّمُ عِنْدَهُمَا وَلَمْ يَسْقُطْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀. وَقَوْلُهُ (فَكَانَ الْمَتْرُوكُ أَقَلَّ) يَعْنِي إذَا تَرَكَ رَمْيَ إحْدَى الْجِمَارِ؛ لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ حِينَئِذٍ سَبْعُ حَصَيَاتٍ وَالْمَأْتِيَّ بِهِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ حَصَاةً. وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَنْ تَرَكَ رَمْيَ إحْدَى الْجِمَارِ: أَيْ: لَكِنْ إذَا تَرَكَ أَكْثَرَ مِنْ رَمْيِ إحْدَى الْجِمَارِ وَبَلَغَ الْمَتْرُوكُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفٍ مِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ إحْدَى عَشْرَةَ حَصَاةً وَيَرْمِيَ عَشْرَ حَصَيَاتٍ (فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الدَّمُ لِوُجُودِ تَرْكِ الْأَكْثَرِ)، وَالْأَكْثَرُ يَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ.
وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ كُلَّ وَظِيفَةِ هَذَا الْيَوْمِ رَمْيًا) نَصَبَ رَمْيًا عَلَى التَّمْيِيزِ؛ لِأَنَّ فِيهِ وَظَائِفَ غَيْرَهُ كَالذَّبْحِ وَالْحَلْقِ وَالطَّوَافِ، فَلَوْ اقْتَصَرَهُ عَلَى قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ وَظِيفَةُ هَذَا الْيَوْمِ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا يَنْبَغِي. وَقَوْلُهُ: (وَكَذَا إذَا تَرَكَ الْأَكْثَرَ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ. وَقَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ يَبْلُغَ دَمًا) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: تَصَدَّقَ لِكُلِّ حَصَاةٍ نِصْفَ صَاعٍ: يَعْنِي إذَا بَلَغَ قِيمَةُ مَا تَصَدَّقَ لِكُلِّ حَصَاةٍ قِيمَةَ الدَّمِ فَحِينَئِذٍ (يَنْقُصُ مِنْ الدَّمِ مَا شَاءَ) حَتَّى لَا يَلْزَمَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ. وَقَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَتْرُوكَ هُوَ الْأَقَلُّ) دَلِيلُ قَوْلِهِ: تَصَدَّقَ.
قَالَ: (وَمَنْ أَخَّرَ الْحَلْقَ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُوجِبُ الدَّمَ بِالتَّأْخِيرِ خِلَافًا لَهُمَا. وَقَوْلُهُ: (وَكَذَا الْخِلَافُ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ) أَيْ: فِي تَأْخِيرِ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ عَنْ يَوْمِ النَّحْرِ وَتَأْخِيرِ رَمْيِ الْجِمَارِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي إلَى الثَّالِثِ أَوْ مِنْ الثَّالِثِ إلَى الرَّابِعِ. وَقَوْلُهُ: (وَفِي تَقْدِيمِ نُسُكٍ عَلَى نُسُكٍ) أَيْ: وَكَذَا الْخِلَافُ فِي تَقْدِيمِ نُسُكٍ عَلَى نُسُكٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute