وَقَالَ عَطَاءٌ ﵀: أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ عَلَى الدَّالِ الْجَزَاءَ؛ وَلِأَنَّ الدَّلَالَةَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّهُ تَفْوِيتُ الْأَمْنِ عَلَى الصَّيْدِ إذْ هُوَ آمِنٌ بِتَوَحُّشِهِ وَتَوَارِيهِ فَصَارَ كَالْإِتْلَافِ؛ وَلِأَنَّ الْمُحْرِمَ بِإِحْرَامِهِ الْتَزَمَ الِامْتِنَاعَ عَنْ التَّعَرُّضِ فَيَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا الْتَزَمَهُ كَالْمُودَعِ
أَشَرْتُمْ إلَيْهِ؟» عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الدَّلَالَةَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ.
فَإِنْ قِيلَ: خَبَرٌ وَاحِدٌ لَا يُقَاوِمُ النَّصَّ الصَّرِيحَ. قُلْت: مَا تَقَدَّمَ فِي النَّصِّ ذِكْرُ الْقَتْلِ وَتَخْصِيصُ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ بِهِ، (وَقَالَ عَطَاءٌ) هُوَ ابْنُ أَبِي رَبَاحٍ تِلْمِيذُ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: (أَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ عَلَى الدَّالِّ الْجَزَاءَ) قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَلَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ فَصَارَ ذَلِكَ إجْمَاعًا. وَرُدَّ بِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄: لَيْسَ عَلَى الدَّالِّ الْجَزَاءُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ، وَلَئِنْ كَانَ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا دَلَّ وَلَمْ يَقْتُلْهُ الْمَدْلُولُ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ فِيمَا إذَا قَتَلَهُ، فَكَانَ كَلَامُهُ غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لِمَحَلِّ الْإِجْمَاعِ؛ (وَلِأَنَّ الدَّلَالَةَ مِنْ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ)، وَالْإِقْدَامُ عَلَيْهَا يُوجِبُ الْجَزَاءَ لَا مَحَالَةَ؛ (وَلِأَنَّهُ) أَيْ: الدَّلَالَةَ، وَذَكَرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا إلَى الْخَبَرِ وَهُوَ (تَفْوِيتُ الْأَمْنِ مِنْ الصَّيْدِ) أَيْ: الدَّلَالَةُ تُفَوِّتُ الْأَمْنَ مِنْ الصَّيْدِ؛ (لِأَنَّهُ آمِنٌ بِتَوَحُّشِهِ) مِنْ النَّاسِ، (وَتَوَارِيهِ) عَنْ أَعْيُنِهِمْ، وَبِالدَّلَالَةِ يَزُولُ ذَلِكَ (فَصَارَتْ كَالْإِتْلَافِ) وَقَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ الْمُحْرِمَ) دَلِيلٌ آخَرُ يَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِ الْخَصْمِ فَأَشْبَهَ دَلَالَةَ الْحَلَالِ.
وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ بِإِحْرَامِهِ الْتَزَمَ الِامْتِنَاعَ عَنْ التَّعَرُّضِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ خَاصٌّ يَتَضَمَّنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute