إحْرَامٍ) وَقَالَ زُفَرُ ﵀: لَا يَجْزِيهِ، وَهُوَ الْقِيَاسُ اعْتِبَارًا بِمَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ النَّذْرِ، وَصَارَ كَمَا إذَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ.
وَلَنَا أَنَّهُ تَلَافَى الْمَتْرُوكَ فِي وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَعْظِيمُ هَذِهِ الْبُقْعَةِ بِالْإِحْرَامِ، كَمَا إذَا أَتَاهُ مُحْرِمًا بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَتَأَدَّى إلَّا بِإِحْرَامٍ مَقْصُودٍ كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فَإِنَّهُ يَتَأَدَّى بِصَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ دُونَ الْعَامِ الثَّانِي
(وَمَنْ جَاوَزَ الْوَقْتَ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَفْسَدَهَا مَضَى فِيهَا
مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يُجْزِئُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ (اعْتِبَارًا بِمَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ النَّذْرِ) فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ وَجَبَتْ بِالنَّذْرِ وَحَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهَا الْمَنْذُورَةُ كَذَلِكَ هَاهُنَا، وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَاجِبَةٌ بِسَبَبٍ غَيْرِ سَبَبِ الْأُخْرَى، فَإِنَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالنَّذْرِ فِي أَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ كَالنَّذْرِ، فَكَمَا لَا تَتَأَدَّى الْمَنْذُورَةُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَكَذَا الْمَشْرُوعُ فِيهَا (وَصَارَ) ذَلِكَ (كَمَا إذَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ) ثُمَّ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ مَقَامَ مَا لَزِمَهُ بِدُخُولِهِ مَكَّةَ بِلَا خِلَافٍ (وَلَنَا) وَهُوَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ (أَنَّهُ تَلَافَى الْمَتْرُوكَ فِي وَقْتِهِ) وَهُوَ السَّنَةُ الَّتِي دَخَلَ فِيهَا مَكَّةَ (لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَعْظِيمُ هَذِهِ الْبُقْعَةِ بِالْإِحْرَامِ) لَا غَيْرُ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَقَدْ حَصَلَ ذَلِكَ (كَمَا إذَا أَتَاهُ مُحْرِمًا بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي الِابْتِدَاءِ) فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ الَّتِي نَوَى وَعَمَّا لَزِمَهُ بِدُخُولِهِ مَكَّةَ (بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ) بِمُضِيِّ وَقْتِ الْحَجِّ (فَلَا يَتَأَدَّى إلَّا بِإِحْرَامٍ مَقْصُودٍ كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ فَإِنَّهُ يَتَأَدَّى بِصَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةٍ نَذَرَ فِيهَا دُونَ الْعَامِ الثَّانِي) فَإِنْ قِيلَ: سَلَّمْنَا أَنَّ الْحَجَّةَ بِتَحَوُّلِ السَّنَةِ تَصِيرُ دَيْنًا، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْعُمْرَةَ تَصِيرُ دَيْنًا لِعَدَمِ تَوَقُّتِهَا بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَسْقُطَ الْعُمْرَةُ الْوَاجِبَةُ بِدُخُولِهِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ بِالْعُمْرَةِ الْمَنْذُورَةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا تَسْقُطُ بِهَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى. أُجِيبَ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعُمْرَةِ إلَى أَيَّامِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ مَكْرُوهٌ، فَإِذَا أَخَّرَهَا إلَى وَقْتٍ مَكْرُوهٍ صَارَ كَالْمُفَوِّتِ لَهَا فَصَارَتْ دَيْنًا.
قَالَ (وَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ) بِغَيْرِ إحْرَامٍ. ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَحْكَامٍ: الْمُضِيُّ فِيهَا، وَقَضَاؤُهَا بِإِحْرَامٍ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَسُقُوطُ الدَّمِ. أَمَّا الْمُضِيُّ؛ فَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَخْرُجُ الْمَرْءُ عَنْهُ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ إلَّا بِأَدَاءِ الْأَفْعَالِ. وَأَمَّا الْقَضَاءُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute