أَفْعَالِ الْحَجِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَدْ كُرِهَتْ الْعُمْرَةُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيْضًا عَلَى مَا نَذْكُرُ فَلِهَذَا يَلْزَمُهُ رَفْضُهَا، فَإِنْ رَفَضَهَا فَعَلَيْهِ دَمٌ؛ لِرَفْضِهَا (وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا) لِمَا بَيَّنَّا (فَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ)؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا وَهُوَ كَوْنُهُ مَشْغُولًا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بِأَدَاءِ بَقِيَّةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ فَيَجِبُ تَخْلِيصُ الْوَقْتِ لَهُ تَعْظِيمًا (وَعَلَيْهِ دَمٌ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا) إمَّا فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي الْأَعْمَالِ الْبَاقِيَةِ، قَالُوا: وَهَذَا دَمُ كَفَّارَةٍ أَيْضًا. وَقِيلَ إذَا حَلَقَ لِلْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يَرْفُضُهَا عَلَى ظَاهِرِ مَا ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ، وَقِيلَ يَرْفُضُهَا احْتِرَازًا عَنْ النَّهْيِ. .
أَفْعَالَ الْعُمْرَةِ عَلَى أَفْعَالِ الْحَجِّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
وَقَوْلُهُ (وَقَدْ كُرِهَتْ الْعُمْرَةُ) وَجْهٌ آخَرُ فِي لُزُومِ الرَّفْضِ (عَلَى مَا نَذْكُرُ) إشَارَةً إلَى مَا يُذْكَرُ فِي بَابِ الْفَوَاتِ بِقَوْلِهِ الْعُمْرَةُ لَا تَفُوتُ وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ يُكْرَهُ فِعْلُهَا فِيهَا.
وَقَوْلُهُ (وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا) أَيْ قَضَاءً لِلْمَرْفُوضَةِ. وَقَوْلُهُ (لِمَا بَيَّنَّا) إشَارَةً إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا مَشْرُوعٌ. فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إذَا أَفْسَدَهُ وَهُنَا يَلْزَمُ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فِيهِ تَحْصُلُ بِهِ الْمَعْصِيَةُ وَهِيَ تَرْكُ إجَابَةِ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَيُؤْمَرُ بِالْإِفْطَارِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَأَمَّا بِمُجَرَّدِ الْإِحْرَامِ لِلْعُمْرَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَلَا تَحْصُلُ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ أَدَاءُ أَفْعَالِهَا فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ (وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْعُمْرَةِ الَّتِي أَحْرَمَ لَهَا يَوْمَ النَّحْرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَيْهِمَا: أَيْ عَلَى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (أَجْزَأَهُ) وَدَلِيلُهُ ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (وَعَلَيْهِ دَمٌ لِجَمْعِهِ بَيْنَهُمَا، إمَّا فِي الْإِحْرَامِ) يَعْنِي إنْ كَانَ إحْرَامُ الْعُمْرَةِ قَبْلَ التَّحَلُّلِ بِالْحَلْقِ (أَوْ فِي الْأَعْمَالِ الْبَاقِيَةِ) يَعْنِي إذَا كَانَ بَعْدَ الْحَلْقِ، وَهَذَا يُرْشِدُك إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ لَيْسَ بِمُقَيَّدٍ بِمَا قَبْلَ الْحَلْقِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ، لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَبْلَ الْحَلْقِ فَفِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْإِحْرَامَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي الْأَعْمَالِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذُكِرَ بِكَلِمَةِ أَوْ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَقِيلَ إذَا حَلَقَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَاهُ يَلْزَمُهُ الرَّفْضُ مُطْلَقًا (وَقِيلَ إذَا حَلَقَ لِلْحَجِّ ثُمَّ أَحْرَمَ لَا يَرْفُضُهَا عَلَى ظَاهِرِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ) قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ الرَّفْضَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَجَوَابُهُ فِي الْأَصْلِ مُشْتَبَهٌ ظَاهِرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَرْفُضُهَا (وَقِيلَ يَرْفُضُهَا احْتِرَازًا عَنْ النَّهْيِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute