﵀ أَنَّهُ دَمُ كَفَّارَةٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ الْأَكْلُ مِنْهُ فَيَخْتَصُّ بِالْمَكَانِ دُونَ الزَّمَانِ كَسَائِرِ دِمَاءِ الْكَفَّارَاتِ، بِخِلَافِ دَمِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ دَمُ نُسُكٍ، وَبِخِلَافِ الْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ فِي أَوَانِهِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَهُوَ الْوُقُوفُ يَنْتَهِي بِهِ.
قَالَ: (وَالْمُحْصَرُ بِالْحَجِّ إذَا تَحَلَّلَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ) هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ ﵃، وَلِأَنَّ الْحَجَّةَ
ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ دَمِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِبَارِهِمَا صُورَةَ النِّزَاعِ بِهِمَا (لِأَنَّهُ) أَيْ دَمَ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ (دَمُ نُسُكٍ) وَمَا هُوَ دَمُ نُسُكٍ يَخْتَصُّ بِالزَّمَانِ فَكَذَا هَذَا. وَقَوْلُهُ (وَبِخِلَافِ الْحَلْقِ) جَوَابٌ عَنْ اعْتِبَارِهِمَا الْآخَرِ. وَبَيَانُهُ أَنَّ التَّحَلُّلَ عَلَى نَوْعَيْنِ: تَحَلُّلٌ فِي أَوَانِهِ وَهُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى أَفْعَالِ مَا أَحْرَمَ لِأَجْلِهِ، وَتَحَلُّلٌ قَبْلَ أَوَانِهِ وَهُوَ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ التَّوْقِيتِ بِيَوْمِ النَّحْرِ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ الْأَصْلِيَّ هُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ (وَهُوَ يَنْتَهِي بِهِ) أَيْ بِوَقْتِ الْحَلْقِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ الْحَلْقُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ. وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَدَاءِ الْأَفْعَالِ فَيَجُوزُ تَقْدِيمُهَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى التَّوْقِيتِ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ الثَّانِي فَكَانَ قِيَاسُهُ عَلَى الْأَوَّلِ قِيَاسًا مَعَ وُجُودِ الْفَارِقِ وَهُوَ بَاطِلٌ. قَالَ صَاحِبُ الْأَسْرَارِ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ زَمَانٍ، فَاشْتِرَاطُهُ بِالْقِيَاسِ نَسْخٌ.
قَالَ (وَالْمُحْصَرُ بِالْحَجِّ إذَا تَحَلَّلَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ ﵃) قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «مَنْ فَاتَهُ عَرَفَةُ بِلَيْلٍ فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَلْيُحْلِلْ بِعُمْرَةٍ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» وَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي الَّذِي فَاتَهُ الْحَجُّ بِفَوَاتِ وَقْتِ الْوُقُوفِ وَفَوَاتُهُ بِالْإِحْصَارِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ فَاتَهُ عَرَفَةُ فَقُلْنَا بِوُجُوبِ الْعُمْرَةِ، وَأَمَّا الْحَجَّةُ فَإِنَّهَا تَجِبُ قَضَاءً لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ فِيهَا. فَإِنْ قِيلَ: الْعُمْرَةُ فِي فَائِتِ الْحَجِّ لِلتَّحَلُّلِ، وَالتَّحَلُّلُ هَاهُنَا حَصَلَ بِالْهَدْيِ فَلَا حَاجَةَ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute