للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ بَعْدَمَا انْعَقَدَ صَحِيحًا لَا طَرِيقَ لِلْخُرُوجِ عَنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ كَمَا فِي الْإِحْرَامِ الْمُبْهَمِ، وَهَاهُنَا عَجَزَ عَنْ الْحَجِّ فَتَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعُمْرَةُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ وَقَعَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فَكَانَتْ فِي حَقِّ فَائِتِ الْحَجِّ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ فِي حَقِّ الْمُحْصَرِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا.

(وَالْعُمْرَةُ لَا تَفُوتُ وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ يُكْرَهُ فِيهَا فِعْلُهَا،

وَقَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ الْإِحْرَامَ بَعْدَمَا انْعَقَدَ صَحِيحًا) أَيْ نَافِذًا لَازِمًا لَا يَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ، فَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ إحْرَامِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي التَّطَوُّعِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، فَإِنَّ لِلْمَوْلَى وَالزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَاهُمَا وَلَيْسَ بِاحْتِرَازٍ عَنْ الْإِحْرَامِ الْفَاسِدِ، كَمَا إذَا جَامَعَ الْمُحْرِمُ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ أَحْرَمَ مُجَامِعًا فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الصَّحِيحِ.

وَقَوْلُهُ (لَا طَرِيقَ لِلْخُرُوجِ عَنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ) مَنْقُوضٌ بِالْمُحْصَرِ فَإِنَّ الْهَدْيَ طَرِيقٌ لَهُ لِلْخُرُوجِ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ بَنَى الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ الْوَضْعُ وَمَسْأَلَةُ الْإِحْصَارِ مِنْ الْعَوَارِضِ ثَبَتَتْ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ.

وَقَوْلُهُ (كَمَا فِي الْإِحْرَامِ الْمُبْهَمِ) أَيْ الْمُبْهَمِ مِنْ النُّسُكَيْنِ الْحَجَّةِ وَالْعُمْرَةِ بِأَنْ أَبْهَمَ فِي الْإِحْرَامِ وَقَالَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، وَلَمْ يُعَيِّنْ حَجَّةً وَلَا عُمْرَةً وَلَمْ يَنْوِ بِقَلْبِهِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ إحْرَامُهُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِأَدَاءِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ، لَكِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ لِأَنَّهَا أَقَلُّ أَفْعَالًا وَأَيْسَرُ مَئُونَةً (وَهَاهُنَا عَجَزَ عَنْ الْحَجِّ) لِفَوَاتِ رُكْنِهِ الْأَعْظَمِ (فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْعُمْرَةُ) فَكَانَ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْإِحْرَامِ الْمُبْهَمِ وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ الْخُرُوجُ عَنْ الْإِحْرَامِ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ.

وَقَوْلُهُ (وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) يَعْنِي عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الدَّمَ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْصَرِ. وَقُلْنَا: التَّحَلُّلُ وَقَعَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ فَكَانَتْ فِي حَقِّ فَائِتِ الْحَجِّ بِمَنْزِلَةِ الدَّمِ فِي حَقِّ الْمُحْصَرِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُقَاسُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَادِرٌ وَعَاجِزٌ عَلَى مَا يَعْجِزُ عَنْهُ الْآخَرُ وَعَمَّا يَقْدِرُ عَلَيْهِ

وَقَوْلُهُ (وَالْعُمْرَةُ لَا تَفُوتُ) أَيْ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ (وَهِيَ جَائِزَةٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>