للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ أَبْهَمَ الْإِحْرَامَ بِأَنْ نَوَى عَنْ أَحَدِهِمَا غَيْرَ عَيْنٍ، فَإِنْ مَضَى عَلَى ذَلِكَ صَارَ مُخَالِفًا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْمُضِيِّ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّعْيِينِ، وَالْإِبْهَامُ يُخَالِفُهُ فَيَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ حَجَّةً أَوْ عُمْرَةً حَيْثُ كَانَ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا شَاءَ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ هُنَاكَ مَجْهُولٌ وَهَاهُنَا الْمَجْهُولُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ.

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْإِحْرَامَ شُرِعَ وَسِيلَةً إلَى الْأَفْعَالِ لَا مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ. وَالْمُبْهَمُ يَصْلُحُ وَسِيلَةً بِوَاسِطَةِ التَّعْيِينِ فَاكْتَفَى بِهِ شَرْطًا، بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى الْأَفْعَالَ عَلَى الْإِبْهَامِ لِأَنَّ الْمُؤَدَّى لَا يَحْتَمِلُ التَّعْيِينَ فَصَارَ مُخَالِفًا

وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَبْهَمَ الْإِحْرَامَ) ظَاهِرٌ.

وَقَوْلُهُ (؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ هُنَاكَ مَجْهُولٌ) مَعْنَاهُ أَنَّ جَهَالَةَ الْمُلْتَزَمِ غَيْرُ مَانِعَةٍ عَنْ وُجُوبِ التَّعْيِينِ، وَأَمَّا جَهَالَةُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فَهِيَ مَانِعَةٌ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بِمَجْهُولٍ لِمَعْلُومٍ جَائِزٌ دُونَ عَكْسِهِ (وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْإِحْرَامَ شُرِعَ وَسِيلَةً إلَى الْأَفْعَالِ لَا مَقْصُودًا) بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَقْدِيمِهِ عَلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ أَشْهُرُ الْحَجِّ (فَاكْتَفَى بِهِ) أَيْ بِالْإِحْرَامِ الْمُبْهَمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرْطٌ لِأَنَّ الشُّرُوطَ يُرَاعَى وُجُودُهَا كَيْفَمَا كَانَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا تَوَضَّأَ لِلتَّبَرُّدِ جَازَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ هُوَ أَدَاءُ الْأَفْعَالِ وَالتَّعْيِينُ فِي ابْتِدَائِهِ مُمْكِنٌ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى مَا عَيَّنَ لَا عَلَى الْإِبْهَامِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى ثُمَّ عَيَّنَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْإِبْهَامِ ابْتِدَاءً، ثُمَّ التَّعْيِينُ يَرِدُ عَلَى مَا مَضَى وَاضْمَحَلَّ فَلَا يُفِيدُ شَيْئًا

<<  <  ج: ص:  >  >>