للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَيَمَّمُ) لِمَا تَلَوْنَا، وَلِأَنَّ الضَّرَرَ فِي زِيَادَةِ الْمَرَضِ فَوْقَ الضَّرَرِ فِي زِيَادَةِ ثَمَنِ الْمَاءِ، وَذَلِكَ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ فَهَذَا أَوْلَى. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَدَّ مَرَضُهُ بِالتَّحَرُّكِ أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ. وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ خَوْفَ التَّلَفِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ.

(وَلَوْ خَافَ الْجُنُبُ إنْ اغْتَسَلَ أَنْ يَقْتُلَهُ الْبَرْدُ أَوْ يُمْرِضُهُ يَتَيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ) وَهَذَا إذَا كَانَ خَارِجَ الْمِصْرِ لِمَا بَيَّنَّا، وَلَوْ كَانَ فِي الْمِصْرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا

الصَّلَاةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ إذَا كَانَ الْمَاءُ قَرِيبًا مِنْهُ.

وَقَوْلُهُ: (يَتَيَمَّمُ لِمَا تَلَوْنَا) يَعْنِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ وَقَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ الضَّرَرَ فِي زِيَادَةِ الْمَرَضِ إلَخْ)؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمَاءِ مَالٌ، وَالْمَالُ خُلِقَ وِقَايَةً لِلنَّفْسِ وَكَانَ تَبَعًا، وَلَمَّا كَانَ الْحَرَجُ مَدْفُوعًا عَنْ الْوِقَايَةِ الَّتِي هِيَ تَبَعٌ فَلَأَنْ يَكُونَ مَدْفُوعًا عَنْ الْمُوقَى الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ أَوْلَى.

وَقَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَدَّ مَرَضُهُ بِالتَّحَرُّكِ) كَالْمَبْطُونِ (أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ) كَالْجُدَرِيِّ وَالْحَصْبَةِ. وَقَوْلُهُ: (وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيُّ خَوْفَ التَّلَفِ) أَيْ تَلَفِ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ (وَهُوَ) أَيْ اعْتِبَارُ الشَّافِعِيِّ (مَرْدُودٌ بِظَاهِرِ النَّصِّ)؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ بِإِطْلَاقِهِ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لِكُلِّ مَرِيضٍ، إلَّا أَنَّهُ خَرَجَ مَنْ لَا يَشْتَدُّ مَرَضُهُ بِسِيَاقِ الْآيَةِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى ﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ﴾ فَإِنَّ الْحَرَجَ إنَّمَا يَلْحَقُ مَنْ يَشْتَدُّ مَرَضُهُ بِهِ فَيَبْقَى الْبَاقِي عَلَى ظَاهِرِهَا. فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ إطْلَاقَ النَّصِّ لِتَقَيُّدِهِ بِالْعَدَمِ. أُجِيبَ بِأَنَّ الْعَدَمَ شَرْطٌ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ دُونَ الْمَرِيضِ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ خَافَ الْجُنُبُ إلَخْ) ظَاهِرٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُحْدِثَ إذَا خَافَ الْهَلَاكَ مِنْ الْوُضُوءِ فِي الْمِصْرِ. وَقَالَ فِي الْأَسْرَارِ: هُمَا سَوَاءٌ، وَذَكَرَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>