(الْهَدْيُ أَدْنَاهُ شَاةٌ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ ﷺ سُئِلَ عَنْ الْهَدْيِ فَقَالَ: أَدْنَاهُ شَاةٌ» قَالَ (وَهُوَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ) لِأَنَّهُ ﷺ لَمَّا جَعَلَ الشَّاةَ أَدْنَى فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَعْلَى وَهُوَ الْبَقَرُ وَالْجَزُورُ، وَلِأَنَّ الْهَدْيَ مَا يُهْدَى إلَى الْحَرَمِ لِيُتَقَرَّبَ بِهِ فِيهِ، وَالْأَصْنَافُ الثَّلَاثَةُ سَوَاءٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى
(وَلَا يَجُوزُ فِي الْهَدَايَا إلَّا مَا جَازَ فِي الضَّحَايَا) لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ تَعَلَّقَتْ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ كَالْأُضْحِيَّةِ فَيَتَخَصَّصَانِ بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ
(وَالشَّاةُ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ: مَنْ طَافَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ جُنُبًا. وَمَنْ جَامَعَ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا إلَّا الْبَدَنَةُ) وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَعْنَى فِيمَا سَبَقَ
(وَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَالْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ) لِأَنَّهُ دَمُ نُسُكٍ فَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ الْأُضْحِيَّةَ، وَقَدْ صَحَّ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ وَحَسَا مِنْ الْمَرَقَةِ» وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا لِمَا رَوَيْنَا، وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي عُرِفَ فِي الضَّحَايَا (وَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ بَقِيَّةِ الْهَدَايَا) لِأَنَّهَا
وَقَوْلُهُ (وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَعْنَى فِيمَا سَبَقَ) يُرِيدُ بِهِ قَوْلَهُ بَعْدَ ذِكْرِ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ وَلِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ مِنْ الْحَدَثِ. وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ أَعْلَى أَنْوَاعِ الِارْتِفَاقَاتِ فَتَغَلَّظَ مُوجِبُهُ.
وَقَوْلُهُ (وَيَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْ هَدْيِ التَّطَوُّعِ) يَعْنِي لِلْمُهْدِي وَالْأَغْنِيَاءِ إذَا ذُبِحَ فِي مَحِلِّهِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ، وَأَمَّا الْفُقَرَاءُ فَيَجُوزُ لَهُمْ الْأَكْلُ مِنْ جَمِيعِ الْهَدَايَا. وَقَوْلُهُ (وَحَسَا مِنْ الْمَرَقَةِ) أَيْ شَرِبَ. وَقَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا) لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ الْجَوَازُ مُسْتَلْزِمًا لِلِاسْتِحْبَابِ ذَكَرَهُ ثَانِيًا بَيَانًا لِلِاسْتِحْبَابِ، وَلَوْ ذَكَرَ الِاسْتِحْبَابَ أَوَّلًا اسْتَغْنَى عَنْ بَيَانِ الْجَوَازِ لِاسْتِلْزَامِ الِاسْتِحْبَابِ إيَّاهُ.
وَقَوْلُهُ لِمَا رَوَيْنَا) إشَارَةً إلَى قَوْلِهِ «أَنَّهُ ﵊ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ». وَإِنَّمَا أَنَّثَ الضَّمِيرَ فِي مِنْهَا لِلرُّجُوعِ إلَى هَدْيِ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالتَّطَوُّعُ. وَقَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَصَدَّقَ) ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ ﵊
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute