للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَتَعَلَّقُ الْجَوَازُ بِتَقْدِيمِ الْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ، بِخِلَافِ السَّعْيِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلطَّوَافِ لِأَنَّهُ دُونَهُ، وَالْمَرْوَةُ عُرِفَتْ مُنْتَهَى السَّعْيِ بِالنَّصِّ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهَا الْبُدَاءَةُ.

قَالَ (وَمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَإِنَّهُ لَا يَرْكَبُ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ) وَفِي الْأَصْلِ خَيَّرَهُ بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الْوُجُوبِ،

أَصْلٌ فَكَانَ مَا شُرِعَ فِيهِ أَصْلًا فَلَا يَتَعَلَّقُ جَوَازُ الْبَعْضِ بِبَعْضٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ مُرَتَّبًا كَانَ مُؤَدِّيًا لَا قَاضِيًا. بِخِلَافِ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّ النَّصَّ فِيهَا نَاطِقٌ بِأَنَّ مَنْ صَلَّى بِلَا تَرْتِيبٍ صَلَّى قَبْلَ وَقْتِهَا فَلَا يَجُوزُ. وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ دُونَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّعْيَ دُونَ الطَّوَافِ يَعْنِي أَحَطَّ مَنْزِلَةً مِنْ الطَّوَافِ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ فَرْضٌ كَطَوَافِ الزِّيَارَةِ أَوْ مِنْ جِنْسِ الْفَرْضِ كَطَوَافِ الْقُدُومِ، وَأَمَّا السَّعْيُ فَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَكَانَ دُونَ الطَّوَافِ فَصَلُحَ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِلطَّوَافِ. وَقَوْلُهُ (وَالْمَرْوَةُ عُرِفَتْ مُنْتَهَى السَّعْيِ بِالنَّصِّ) وَهُوَ قَوْلُهُ «ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» أَرَادَ بِهِ قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ﴾ (فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهَا الْبُدَاءَةُ)

قَالَ (وَمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا) أَيْ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْكَبَ حَتَّى يَطُوفَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ (وَخُيِّرَ فِي الْأَصْلِ) يَعْنِي الْمَبْسُوطَ (بَيْنَ الرُّكُوبِ وَالْمَشْيِ) بَعْدَ النَّذْرِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ مَاشِيًا يُكْرَهُ وَرَاكِبًا أَفْضَلُ لَكِنَّهُ وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فَكَانَ مُخَيَّرًا. وَقَوْلُهُ (وَهَذَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ لَا يَرْكَبُ، يَعْنِي رِوَايَةَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَقْتَضِي تَرْكَ الرُّكُوبِ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>