يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ بِمِثْلِهِ.
(وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْأُخْرَى) لِأَنَّ
وَعَمَّتِهَا هُوَ عَيْنُ جَمْعِ الْمَرْأَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بِنْتِ أَخِيهَا، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا هُوَ عَيْنُ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ ابْنَةِ أُخْتِهَا. أُجِيبَ بِأَنَّ شَمْسَ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيَّ قَالَ: ذُكِرَ هَذَا النَّفْيُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، إمَّا لِلْمُبَالَغَةِ فِي بَيَانِ التَّحْرِيمِ، أَوْ لِإِزَالَةِ الْإِشْكَالِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَظُنُّ ظَانٌّ أَنَّ نِكَاحَ ابْنَةِ الْأَخِ عَلَى الْعَمَّةِ لَا يَجُوزُ، وَنِكَاحَ الْعَمَّةِ عَلَى ابْنَةِ الْأَخِ يَجُوزُ لِتَفْضِيلِ الْعَمَّةِ، كَمَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَيَجُوزُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ عَلَى الْأَمَةِ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ ثُبُوتَ هَذِهِ الْحُرْمَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِإِزَالَةِ الْإِشْكَالِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ قَالَ: وَهَذَا مَشْهُورٌ (تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِتَابِ بِمِثْلِهِ) وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُحَصِّلِينَ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ عَامٌّ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يُخَصِّصُهُ. سَلَّمْنَا جَوَازَ الِاصْطِلَاحِ عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ بِالزِّيَادَةِ، لَكِنَّ شَرْطَ التَّخْصِيصِ الْمُقَارَنَةُ عِنْدَنَا أَوَّلًا وَلَيْسَتْ بِمَعْلُومَةٍ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْكِتَابِ نَسْخٌ أَخَصُّ فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ وَإِرَادَةُ مُطْلَقِ النَّسْخِ لِأَنَّ ذِكْرَ الْأَخَصِّ وَإِرَادَةَ الْأَعَمِّ مَجَازٌ شَائِعٌ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ يَجُوزُ نَسْخُ الْكِتَابِ بِهِ، وَلَا نِزَاعَ فِي ذَلِكَ لَا سِيَّمَا أَنَّهُ تَطَرَّقَ إلَيْهَا الِاحْتِمَالُ بِالنَّسْخِ مَرَّةً فَإِنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ﴾ نَسْخُ عُمُومٍ قَوْله تَعَالَى ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ بِتَقْدِيرِهِ مُتَأَخِّرًا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ النَّسْخُ، فَجَازَ أَنْ يُنْسَخَ بِخَبَرٍ مَشْهُودٍ مَا تَنَاوَلَهُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ، وَلَا بَأْسَ بِمُطَالَعَةِ مَا فِي النِّهَايَةِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ كَلَامِ الْمَهَرَةِ الْحُذَّاقِ الْمُتْقِنِينَ إنْ كَانَتْ الْقَوَاعِدُ الْأُصُولِيَّةُ عَلَى ذِكْرٍ مِنْك.
وَقَوْلُهُ (وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا رَجُلًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْأُخْرَى) ظَاهِرٌ، وَهُوَ حُكْمٌ ثَابِتٌ بِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ الَّذِي كَانَ بَحْثُنَا فِيهِ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute