وَقَالَ مَالِكٌ ﵀: هُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا فَيَبْقَى إلَى أَنْ يَظْهَرَ نَاسِخُهُ. قُلْنَا: ثَبَتَ النَّسْخُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ صَحَّ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمْ فَتَقَرَّرَ الْإِجْمَاعُ.
وَهَذَا عِنْدَنَا بَاطِلٌ (وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ جَائِزٌ) وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ (لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا) بِالِاتِّفَاقِ (فَيَبْقَى إلَى أَنْ يَظْهَرَ نَاسِخُهُ. قُلْنَا: قَدْ ظَهَرَ نَاسِخُهُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ) وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى نَسْخِهَا: مِنْهَا مَا رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ مُنَادِيَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَادَى يَوْمَ خَيْبَرَ: أَلَا إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ الْمُتْعَةِ». وَمِنْهَا حَدِيثُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: «أَحَلَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمُتْعَةَ عَامَ الْفَتْحِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَجِئْت مَعَ ابْنِ عَمٍّ لِي إلَى بَابِ امْرَأَةٍ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدَةٌ، وَكَانَتْ بُرْدَةُ ابْنِ عَمِّي أَحْسَنَ مِنْ بُرْدَتِي، فَخَرَجَتْ امْرَأَةٌ كَأَنَّهَا دُمْيَةُ عَيْطَاءَ فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إلَى شَبَابِي وَإِلَى بُرْدَتِهِ، فَقَالَتْ: هَلَّا بُرْدَةٌ كَبُرْدَةِ هَذَا أَوْ شَبَابًا كَشَبَابِ هَذَا؟ ثُمَّ آثَرَتْ شَبَابِي عَلَى بُرْدَتِهِ، فَبِتّ عِنْدَهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْت إذَا مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُنَادِي: أَلَا إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ الْمُتْعَةِ، فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْهَا» ثُمَّ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ قَدْ انْتَسَخَتْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ فَكَانَتْ الْأَحَادِيثُ نَاسِخَةً وَالْإِجْمَاعُ مُظْهِرًا لِأَنَّ نَسْخَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالْإِجْمَاعِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى مَذْهَبِ الصَّحِيحِ. فَإِنْ قِيلَ: أَيْنَ الْإِجْمَاعُ وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مُخَالِفًا؟ أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَابْنُ عَبَّاسٍ صَحَّ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمْ) رَوَى جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مَا خَرَجَ مِنْ الدُّنْيَا حَتَّى رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ فِي الصَّرْفِ وَالْمُتْعَةِ (فَتَقَرَّرَ الْإِجْمَاعُ) وَقِيلَ فِي نِسْبَةِ جَوَازِ الْمُتْعَةِ إلَى مَالِكٍ نَظَرٌ لِأَنَّهُ رَوَى الْحَدِيثَ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute