أَوْ كُفَّارٌ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشُّهُودَ صَدَقَةٌ عِنْدَهُ وَهُوَ الْحُجَّةُ لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى حَقِيقَةِ الصِّدْقِ، بِخِلَافِ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ لِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَيْهِمَا مُتَيَسِّرٌ، وَإِذَا ابْتَنَى الْقَضَاءُ عَلَى الْحُجَّةِ وَأَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ بَاطِنًا بِتَقْدِيمِ النِّكَاحِ نَفَذَ قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ،
وَالْخَطَأُ فِي الْحُجَّةِ يَمْنَعُ مِنْ النُّفُوذِ بَاطِنًا كَمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ أَوْ كُفَّارٌ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشُّهُودَ صَدَقَةٌ عِنْدَ الْقَاضِي) لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَجْرَحُهُمْ وَمِثْلُ هَذِهِ الشُّهُودِ هُوَ الْحُجَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الشَّرْعِ (لِتَعَذُّرِ الْوُقُوفِ عَلَى الصِّدْقِ حَقِيقَةً) لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ بَاطِنِيٌّ لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ، فَلَوْ اُشْتُرِطَ ذَلِكَ لِلْقَضَاءِ لَمَا أَمْكَنَ الْقَضَاءُ أَصْلًا، وَإِذَا وُجِدَتْ الْحُجَّةُ الشَّرْعِيَّةُ نَفَذَ الْحُكْمُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (بِخِلَافِ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ لِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَيْهِمَا مُتَيَسِّرٌ) بِالْأَمَارَاتِ. فَإِنْ قِيلَ: الْقَضَاءُ إظْهَارُ مَا كَانَ ثَابِتًا لَا إثْبَاتُ مَا لَمْ يَكُنْ وَالنِّكَاحُ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فَكَيْفَ يَنْفُذُ الْقَضَاءُ بَاطِنًا؟ أَشَارَ إلَى الْجَوَابِ بِقَوْلِهِ (بِتَقْدِيمِ النِّكَاحِ) يَعْنِي تَقْدِيمَ النِّكَاحِ عَلَى الْقَضَاءِ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْكَحْتُك إيَّاهُ وَحَكَمْت بَيْنَكُمَا بِذَلِكَ (قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ) فَيَحِلُّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا لِئَلَّا تُنَازِعَهُ طَلَبَ الْوَطْءِ ثَانِيًا. وَسَأَلَنِي بَعْضُ أَذْكِيَاءِ الْمَغَارِبَةِ حِينَ قَدِمَ مِصْرَ حَاجًّا سَنَةَ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طَاعِنًا فِي الْمَذْهَبِ. فَأَجَبْته بِقَوْلِهِمْ هَذَا قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ، فَقَالَ: قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الْوَطْءِ فَيُطَلِّقُهَا فَإِنَّهُ مُخَلِّصٌ عَنْ الْمُنَازَعَةِ مَعَ الْبَرَاءَةِ عَنْ عُهْدَةِ وَطْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute