وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهَا وَهِيَ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهَا عَاقِلَةً مُمَيِّزَةً وَلِهَذَا كَانَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي الْمَالِ وَلَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ،
أَنْ لَا يُفَوَّضَ إلَيْهِنَّ أَمْرُ النِّكَاحِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى أَنْ يَأْذَنَ الْوَلِيُّ أَوْ لَا غَيْرُ دَافِعٍ لِانْتِفَاءِ الْمُطَابَقَةِ. وَأَمَّا وَجْهُ مَنْ جَوَّزَهُ فَهُوَ (أَنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهَا وَهِيَ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهَا عَاقِلَةً مُمَيِّزَةً، وَلِهَذَا كَانَ لَهَا التَّصَرُّفُ فِي الْمَالِ وَلَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ) بِالِاتِّفَاقِ، وَكُلُّ تَصَرُّفٍ هَذَا شَأْنُهُ فَهُوَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ.
فَإِنْ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهَا بَلْ فِي حَقٍّ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْأَوْلِيَاءِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِكُفْءٍ. فِي رِوَايَةٍ. قُلْت: لَا فَرْقَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَا يُرَدَّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِخَالِصِ حَقِّهَا مَا كَانَ مِنْ الْمَوْضُوعَاتِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَى النِّكَاحِ مِنْ تَمْلِيكِ مَنَافِعِ بُضْعِهَا وَاسْتِيجَابِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالسُّكْنَى وَنَحْوِهَا، وَكُلُّ ذَلِكَ خَالِصُ حَقِّهَا فَلَا يُعْتَبَرُ بِالْعَارِضِ مِنْ لُحُوقِ الْعَارِ لِلْأَوْلِيَاءِ. فَإِنْ قِيلَ: هَذَا اسْتِدْلَالٌ بِالرَّأْيِ فِي مُقَابَلَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَمِثْلُهُ فَاسِدٌ. أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ نُهِيَ الْوَلِيُّ عَنْ الْعَضْلِ وَهُوَ الْمَنْعُ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ الْمَنْعُ إذَا كَانَ الْمَمْنُوعُ فِي يَدِهِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ فِي السُّنَنِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ» فَالْجَوَابُ أَنَّ الْآيَةَ مُشْتَرَكَةُ الْإِلْزَامِ لِأَنَّهُ نَهَاهُمْ عَنْ مَنْعِهِنَّ عَنْ النِّكَاحِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُنَّ يَمْلِكْنَهُ، وَأَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ﴾ وَقَوْلُهُ ﴿حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute