للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا مَانِعَ مِنْ النُّطْقِ فِي حَقِّهَا

(وَإِذَا زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِوَثْبَةٍ أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْأَبْكَارِ) لِأَنَّهَا بِكْرٌ حَقِيقَةً لِأَنَّ مُصِيبَهَا أَوَّلُ مُصِيبٍ لَهَا وَمِنْهُ الْبَاكُورَةُ وَالْبُكْرَةُ وَلِأَنَّهَا تَسْتَحْيِي لِعَدَمِ الْمُمَارَسَةِ (وَلَوْ زَالَتْ) بَكَارَتُهَا (بِزِنًا فَهِيَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا لِأَنَّهَا ثَيِّبٌ حَقِيقَةً لِأَنَّ مُصِيبَهَا عَائِدٌ إلَيْهَا وَمِنْهُ الْمَثُوبَةُ وَالْمَثَابَةُ وَالتَّثْوِيبُ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّاسَ عَرَفُوهَا بَكْرًا

رِضَاهَا» وَالْحَيَاءُ فِي الثَّيِّبِ غَيْرُ مُتَوَفِّرٍ لِقِلَّتِهِ بِالْمُمَارَسَةِ (فَلَا مَانِعَ مِنْ النُّطْقِ فِي حَقِّهَا).

(وَإِذَا زَالَتْ الْبَكَارَةُ بِوَثْبَةٍ) وَهُوَ الْوُثُوبُ مِنْ فَوْقٍ (أَوْ حَيْضَةٍ أَوْ جِرَاحَةٍ أَوْ تَعْنِيسٍ) عَنَسَتْ الْجَارِيَةُ وَعَنِسَتْ عُنُوسًا: إذَا جَاوَزَتْ وَقْتَ التَّزْوِيجِ فَلَمْ تَتَزَوَّجْ (فَهِيَ فِي حُكْمِ الْأَبْكَارِ) فِي كَوْنِ إذْنِهَا سُكُوتَهَا (لِأَنَّهَا بِكْرٌ) إذْ الْبِكْرُ هِيَ الَّتِي يَكُونُ مُصِيبُهَا أَوَّلَ مُصِيبٍ، وَهَذِهِ كَذَلِكَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْبَاكُورَةِ وَهِيَ أَوَّلُ الثِّمَارِ وَمِنْ الْبُكْرَةِ وَهِيَ أَوَّلُ النَّهَارِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا تَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَجَدَهَا زَائِلَةَ الْبَكَارَةِ بِالْوَثْبَةِ لِأَنَّهَا بِكْرٌ حَقِيقَةً عَلَى مَا قُلْتُمْ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّدَّ بِاعْتِبَارِ فَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ وَهُوَ الْعُذْرَةُ لَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ بِكْرٍ، وَلِأَنَّ النُّطْقَ سَقَطَ لِلْحَيَاءِ وَهُوَ مَوْجُودٌ هَاهُنَا (لِأَنَّهَا تَسْتَحِي لِعَدَمِ الْمُمَارَسَةِ، وَلَوْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِزِنًا فَهِيَ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا لِأَنَّهَا ثَيِّبٌ حَقِيقَةً) إذْ الثَّيِّبُ مَنْ يَكُونُ مُصِيبُهَا عَائِدًا إلَيْهَا مُشْتَقٌّ مِنْ الْمَثُوبَةِ وَهِيَ الثَّوَابُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ بِهَا لِأَنَّهَا مَرْجُوعٌ إلَيْهَا فِي الْعَاقِبَةِ، وَمِنْ الْمَثَابَةِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُثَابُ: أَيْ يُرْجَعُ إلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَمِنْ التَّثْوِيبِ: وَهُوَ الدُّعَاءُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَإِذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا يُكْتَفَى بِسُكُوتِهَا (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّاسَ عَرَفُوهَا بِكْرًا) وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ السُّكُوتَ رِضًا بِعِلَّةِ الْحَيَاءِ عَلَى مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.

وَإِذَا وُجِدَتْ الْعِلَّةُ يَتَرَتَّبُ الْحُكْمُ عَلَيْهَا، وَهَاهُنَا قَدْ وُجِدَتْ لِمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ إنَّ النَّاسَ عَرَفُوهَا بِكْرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>