فِي سَلْبِ وِلَايَةِ الْإِلْزَامِ، بِخِلَافِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ فَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُ الْخَلَلِ فَلَا تُفِيدُ الْوِلَايَةُ إلَّا مُلْزِمَةً وَمَعَ الْقُصُورِ لَا تَثْبُتُ وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ. وَجْهُ قَوْلِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الثِّيَابَةَ سَبَبٌ لِحُدُوثِ الرَّأْيِ لِوُجُودِ الْمُمَارَسَةِ فَأَدَرْنَا الْحُكْمَ عَلَيْهَا تَيْسِيرًا. وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحَقُّقِ الْحَاجَةِ وَوُفُورِ الشَّفَقَةِ، وَلَا مُمَارَسَةَ تُحْدِثُ الرَّأْيَ بِدُونِ
يَغِيبُ بَعْضُهُمْ، وَلَا يُمْكِنُ تَوَقُّفُ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَى وَقْتِ الْبُلُوغِ (فَلَا تُفِيدُ الْوِلَايَةَ إلَّا مُلْزِمَةٌ) وَلَا إلْزَامَ مَعَ الْقُصُورِ، بِخِلَافِ الْمُتَنَاكِحَيْنِ فَإِنَّهُمَا ثَابِتَانِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ غَالِبًا، فَكَانَ التَّدَارُكُ بِالتَّوَقُّفِ مُمْكِنًا. وَقَوْلُهُ (وَجْهُ قَوْلِهِ) أَيْ الشَّافِعِيِّ (فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الثِّيَابَةَ سَبَبٌ لِحُدُوثِ الرَّأْيِ) وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الرَّأْيَ أَمْرٌ بَاطِنٌ وَالثِّيَابَةُ سَبَبٌ لِحُدُوثِهِ (لِوُجُودِ الْمُمَارَسَةِ) فَتُقَامُ مَقَامَهُ وَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ تَيْسِيرًا (وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَحَقُّقِ الْحَاجَةِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُقْتَضَى لِلْوِلَايَةِ النَّظَرِيَّةِ هُوَ الْحَاجَةُ وَقَدْ تَحَقَّقَتْ لِلصِّغَرِ وَالْمَانِعِ وَهُوَ قُصُورُ الشَّفَقَةِ قَدْ انْتَفَى لِأَنَّ الشَّفَقَةَ فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ مُتَوَافِرَةٌ، وَإِذَا وُجِدَ الْمُقْتَضَى وَانْتَفَى الْمَانِعُ يَجِبُ تَحَقُّقُ الْحُكْمِ، وَلَا نُسَلِّمُ حُصُولَ الرَّأْيِ لِلصَّغِيرَةِ بِسَبَبِ الْمُمَارَسَةِ لِأَنَّ الرَّأْيَ وَالْعِلْمَ بِلَذَّةِ الْجِمَاعِ إنَّمَا يَحْدُثُ عَنْ مُبَاشَرَةٍ بِشَهْوَةٍ وَلَا شَهْوَةَ لَهَا، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ الثِّيَابَةُ سَبَبًا لِحُدُوثِ الرَّأْيِ لَا تَصْلُحُ مَدَارًا.
وَأَمَّا الصِّغَرُ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِلْحَاجَةِ لِلْعَجْزِ عَنْ التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُدَارًا، فَكُلَّمَا ثَبَتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute