الْخِيَارُ إذَا بَلَغَ، إنْ شَاءَ أَقَامَ عَلَى النِّكَاحِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀: لَا خِيَارَ لَهُمَا اعْتِبَارًا بِالْأَبِ وَالْجَدِّ. وَلَهُمَا أَنَّ قَرَابَةَ الْأَخِ نَاقِصَةٌ وَالنُّقْصَانُ يُشْعِرُ بِقُصُورِ الشَّفَقَةِ فَيَتَطَرَّقُ الْخَلَلُ إلَى الْمَقَاصِدِ عَسَى وَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ بِخِيَارِ الْإِدْرَاكِ، وَإِطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ يَتَنَاوَلُ الْأُمَّ، وَالْقَاضِي هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَةِ لِقُصُورِ الرَّأْيِ فِي أَحَدِهِمَا وَنُقْصَانِ الشَّفَقَةِ فِي الْآخَرِ فَيَتَخَيَّرُ. قَالَ (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَضَاءُ) بِخِلَافِ خِيَارِ الْعِتْقِ لِأَنَّ
ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (اعْتِبَارًا بِالْأَبِ وَالْجَدِّ) بِجَامِعِ دَاعِيَةِ الْقَرَابَةِ (وَلَهُمَا أَنَّ قَرَابَةَ الْأَخِ نَاقِصَةٌ) خُصِّصَ الْأَخُ لِيُعْلَمَ بِهِ حُكْمُ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْأَوْلِيَاءِ بَعْدَ الْجَدِّ. وَقَوْلُهُ (فَيَتَطَرَّقُ الْخَلَلُ إلَى الْمَقَاصِدِ عَسَى) يَعْنِي أَنَّ وَرَاءَ الْكَفَاءَاتِ وَالْمَهْرِ مَقَاصِدَ أُخْرَى فِي النِّكَاحِ مِنْ سُوءِ الْخُلُقِ وَحُسْنِهِ وَلَطَافَةِ الْعِشْرَةِ وَغِلَظِهَا وَكَرَمِ الصُّحْبَةِ وَلُؤْمِهَا وَتَوْسِيعِ النَّفَقَةِ وَتَقْتِيرِهَا، وَهَذِهِ الْمَقَاصِدُ أَهَمُّ مِنْ الْكَفَاءَةِ، وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهَا إلَّا بِجِدٍّ بَلِيغٍ وَنَظَرٍ صَائِبٍ، فَلِنُقْصَانِ قَرَابَتِهِ وَقُصُورِ شَفَقَتِهِ رُبَّمَا لَا يُحْسِنُ النَّظَرَ فَيُتَوَهَّمُ الْخَلَلُ فِيهَا فَيَتَدَارَكُ بِخِيَارِ الْإِدْرَاكِ.
وَقَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ يَتَنَاوَلُ الْأُمَّ وَالْقَاضِي) يَعْنِي فِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ عِنْدَ الْبُلُوغِ، وَأَرَادَ بِالْإِطْلَاقِ قَوْلَهُ فَإِنْ زَوَّجَهُمَا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ. وَقَوْلُهُ (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا رَوَى خَالِدُ بْنُ صُبَيْحٍ الْمَرْوَزِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْيَتِيمَةِ إذَا زَوَّجَهَا الْقَاضِي لِأَنَّ لَهُ الْوِلَايَةَ فِي الْمَالِ وَالنَّفْسِ وَكَانَ فِي قُوَّةِ وِلَايَةِ الْأَبِ وَالْجَدِّ.
وَوَجْهُ الصَّحِيحِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ (بِقَوْلِهِ لِقُصُورِ الرَّأْيِ فِي أَحَدِهِمَا) يَعْنِي الْأُمَّ (وَنُقْصَانُ الشَّفَقَةِ فِي الْآخَرِ) يَعْنِي الْقَاضِيَ، أَلَا تَرَى أَنَّ وِلَايَةَ الْقَاضِي مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ وِلَايَةِ الْأَخِ وَالْعَمِّ، فَإِذَا ثَبَتَ لَهُمَا الْخِيَارُ فِي تَزْوِيجِهِمَا فَفِي تَزْوِيجِ الْقَاضِي أَوْلَى. وَقَوْلُهُ (وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ (الْقَضَاءُ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute