(وَلِهَذَا يَخْتَصُّ بِالْأُنْثَى فَاعْتُبِرَ دَفْعًا وَالدَّفْعُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْقَضَاءِ) ثُمَّ عِنْدَهُمَا إذَا بَلَغَتْ الصَّغِيرَةُ وَقَدْ عَلِمَتْ بِالنِّكَاحِ
خَفِيًّا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ كُفْئًا وَالْمَهْرُ تَامًّا فَرُبَّمَا يُنْكِرُهُ الزَّوْجُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ لِلْإِلْزَامِ.
وَأَمَّا خِيَارُ الْعِتْقِ فَلِدَفْعِ ضَرَرٍ جَلِيٍّ وَهُوَ زِيَادَةُ الْمِلْكِ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الزَّوْجَ قَبْلَ عِتْقَهَا كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَيْنِ وَيَمْلِكُ مُرَاجَعَتَهَا فِي قُرْأَيْنِ ثُمَّ ازْدَادَ ذَلِكَ بِالْعِتْقِ وَهُوَ أَمْرٌ جَلِيٌّ لَيْسَ لِلْإِنْكَارِ فِيهِ مَجَالٌ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى الْإِلْزَامِ، لَكِنْ لَهَا أَنْ تَدْفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهَا وَذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِ النِّكَاحِ غَيْرُ مُمْكِنٍ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْعِتْقِ يَسْتَلْزِمُهَا، وَوُجُودُ الْمَلْزُومِ بِدُونِ وُجُودِ اللَّازِمِ مُحَالٌ، فَكَانَ لَهَا أَنْ تَدْفَعَ أَصْلَ الْمِلْكِ فِي ضِمْنِ مَالِهَا مِنْ دَفْعِ الزِّيَادَةِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ دَفْعَهَا مَا عَلَيْهَا مِنْ الزِّيَادَةِ يُبْطِلُ مَا كَانَ ثَابِتًا مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ الْمُسْتَتْبِعِ الزِّيَادَةِ وَفِي ذَلِكَ جَعْلُ التَّابِعِ مَتْبُوعًا وَهُوَ عَكْسُ الْمَعْقُولِ وَنَقْصُ الْأُصُولِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِجَعْلِ التَّابِعِ مَتْبُوعًا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الِالْتِزَامِ لِلضَّرَرِ الْمَرْضِيِّ، فَإِنَّ الزَّوْجَ حِينَ تَزَوَّجَ الْأَمَةَ عَالِمًا لَهَا بِخِيَارِ الْعِتْقِ الْتَزَمَ الضَّرَرَ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ وَالضَّرَرُ الْمَرْضِيُّ غَيْرُ ضَائِرٍ، بِخِلَافِ الْأَمَةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِمَا يَزِيدُ عَلَيْهَا مِنْ الْمِلْكِ عِنْدَ الْعِتْقِ لِعَدَمِ اخْتِيَارِهَا فِي النِّكَاحِ فَلَمْ يَكُنْ ضَرَرُهَا بِمُرْضٍ فَكَانَ ضَائِرًا، وَإِذَا اجْتَمَعَ الضَّرَرُ الضَّائِرُ وَغَيْرُ الضَّائِرِ يُدْفَعُ الضَّائِرُ دُونَ غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ (ثُمَّ عِنْدَهُمَا) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّ مَذْهَبَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَرِدُ هَاهُنَا لِأَنَّهُ لَا يَرَى خِيَارَ الْبُلُوغِ، وَإِنْ كَانَ الْمُزَوِّجُ غَيْرَ الْأَبِ وَالْجَدِّ.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ هَاهُنَا أُمُورٌ يَقَعُ بِهَا الْفَرْقُ بَيْنَ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute