(وَيَتَيَمَّمُ الصَّحِيحُ فِي الْمِصْرِ إذَا حَضَرَتْ جِنَازَةٌ وَالْوَلِيُّ غَيْرُهُ فَخَافَ إنْ اشْتَغَلَ بِالطَّهَارَةِ أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ) لِأَنَّهَا لَا تُقْضَى فَيَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ (وَكَذَا مَنْ حَضَرَ الْعِيدَ فَخَافَ إنْ اشْتَغَلَ بِالطَّهَارَةِ أَنْ يَفُوتَهُ الْعِيدُ يَتَيَمَّمُ) لِأَنَّهَا لَا تُعَادُ. وَقَوْلُهُ وَالْوَلِيُّ غَيْرُهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ لِلْوَلِيِّ حَقُّ الْإِعَادَةِ فَلَا فَوَاتَ فِي حَقِّهِ (وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ أَوْ الْمُقْتَدِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ تَيَمَّمَ وَبَنَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَقَالَا: لَا يَتَيَمَّمُ) لِأَنَّ اللَّاحِقَ يُصَلِّي بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَلَا يَخَافُ الْفَوْتَ. وَلَهُ أَنَّ الْخَوْفَ بَاقٍ لِأَنَّهُ يَوْمُ زَحْمَةٍ فَيَعْتَرِيه
شَرْطُهُ، كَالْمَاءِ فَإِنَّهُ طَهُورٌ بِشَرْطِ كَوْنِهِ طَاهِرًا وَيَعْمَلُ عَمَلَهُ مَا دَامَ شَرْطُهُ مَوْجُودًا. فَإِنْ قُلْت: هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الشَّرْطِ مُسْتَلْزِمًا لِوُجُودِ الْمَشْرُوطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَا مَحَالَةَ. فَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمَشْرُوطِ اسْتَلْزَمَهُ، وَهَاهُنَا كَذَلِكَ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ عَدَمِ الْمَاءِ وَجَوَازِ التَّيَمُّمِ مُسَاوٍ لِلْآخَرِ لَا مَحَالَةَ فَجَازَ أَنْ يَسْتَلْزِمَهُ.
قَالَ (وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِلصَّحِيحِ فِي الْمِصْرِ) الْأَصْلُ هَاهُنَا أَنَّ كُلَّ مَا يَفُوتُ لَا إلَى بَدَلٍ جَازَ أَدَاؤُهُ بِالتَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ، وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ عِنْدَنَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَادُ عِنْدَنَا، وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْعِيدِ تَفُوتُ لَا إلَى بَدَلٍ. وَقَوْلُهُ: لِلصَّحِيحِ احْتِرَازٌ عَنْ الْمَرِيضِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ فِي الْمِصْرِ وَغَيْرِهِ وَلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ خَافَ الْفَوْتَ أَوْ لَمْ يَخَفْ.
وَقَوْلُهُ: فِي الْمِصْرِ احْتِرَازٌ عَنْ الْمَفَازَةِ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ فِيهَا جَائِزٌ وَلِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِيهَا غَالِبًا. وَقَوْلُهُ: (إذَا حَضَرَتْ جِنَازَةٌ)؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ إنَّمَا هُوَ بِحُضُورِهَا. وَقَوْلُهُ: (وَالْوَلِيُّ غَيْرُهُ)؛ لِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ إذَا كَانَ وَلِيًّا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ الْفَوْتَ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقَّ الْإِعَادَةِ.
وَقَوْلُهُ: (فَخَافَ أَنْ تَفُوتَهُ الصَّلَاةُ)؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ الْفَوْتَ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ. وَقَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ التَّيَمُّمِ لِلْوَلِيِّ (رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ) وَقَوْلُهُ: (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَإِنَّ الْجَوَابَ فِيهِ جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْوَلِيِّ لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا فَجَأَتْك جِنَازَةٌ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَتَيَمَّمْ وَصَلِّ عَلَيْهَا وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ مِثْلُهُ (وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ أَوْ الْمُقْتَدِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ) وَكَانَ شُرُوعُهُ بِالْوُضُوءِ (تَيَمَّمَ وَبَنَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَا: لَا يَتَيَمَّمُ لِلْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ اللَّاحِقَ يُصَلِّي بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ) وَذَلِكَ فِي حُكْمِ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ (فَلَا يَخَافُ الْفَوْتَ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْخَوْفَ بَاقٍ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ ازْدِحَامٍ) فَلَا يُؤْمَنُ اعْتِرَاضُ عَارِضٍ يَعْتَرِيهِ مِثْلُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute