(وَالْمُسَافِرُ إذَا نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ ذَكَرَ الْمَاءَ لَمْ يُعِدْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ ﵀ يُعِيدُهَا) وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا وَضَعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَضَعَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ، وَذَكَرَهُ فِي الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ سَوَاءً لَهُ أَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي رَحْلِهِ ثَوْبٌ فَنَسِيَهُ، وَلِأَنَّ رَحْلَ الْمُسَافِرِ مُعَدٌّ لِلْمَاءِ عَادَةً فَيُفْتَرَضُ الطَّلَبُ عَلَيْهِ. وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ بِدُونِ الْعِلْمِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْوُجُودِ، وَمَاءُ الرَّحْلِ مُعَدٌّ لِلشُّرْبِ لَا لِلِاسْتِعْمَالِ،
قَالَ (وَالْمُسَافِرُ إذَا نَسِيَ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ) إذَا صَلَّى الْمُسَافِرُ بِالتَّيَمُّمِ وَالْمَاءُ فِي رَحْلِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِهِ بِأَنْ وَضَعَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ وَضَعَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ بِأَنْ وَضَعَهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْمَرْءَ لَا يُخَاطَبُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ وَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ فُقِدَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيطَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ، وَإِنْ كَانَ نِسْيَانًا مِنْهُ ثُمَّ تَذَكَّرَ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ سَوَاءٌ تَذَكَّرَ فِي الْوَقْتِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِعَادِمِ الْمَاءِ وَهَذَا لَيْسَ بِعَادِمٍ لَهُ بَلْ هُوَ وَاجِدٌ لَهُ عَادَةً؛ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي رَحْلِهِ وَرَحْلُهُ فِي يَدِهِ وَالنِّسْيَانُ لَا يُضَادُّ الْوُجُودَ بَلْ يُضَادُّ الذِّكْرَ فَلَا يَنْتَفِي بِهِ الْوِجْدَانُ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ فِي رَحْلِهِ ثَوْبٌ فَنَسِيَهُ وَصَلَّى عَارِيًّا وَلِأَنَّ رَحْلَ الْمُسَافِرِ مَعْدِنُ الْمَاءِ عَادَةً وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَكُلُّ مَا هُوَ مَعْدِنٌ لِلْمَاءِ عَادَةً يُفْتَرَضُ عَلَى الْمُتَيَمِّمِ طَلَبُ الْمَاءِ فِيهِ كَمَنْ كَانَ فِي الْعُمْرَانِ فَإِنَّهُ يُفْتَرَضُ عَلَيْهِ طَلَبُ الْمَاءِ لِكَوْنِهِ فِي مَعْدِنِهِ، حَتَّى لَوْ جَاءَ قَوْمًا وَلَمْ يَرَ عِنْدَهُمْ مَاءً فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى قَبْلَ طَلَبِهِ مِنْهُمْ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مَاءٌ فَلَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ. وَلَهُمَا أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ وَاجِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُودِ الْقُدْرَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا قُدْرَةَ إلَّا بِالْعِلْمِ. وَقَوْلُهُ: (وَمَاءُ الرَّحْلِ) جَوَابٌ عَنْ النُّكْتَةِ الثَّانِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute