وَهُوَ التَّزَوُّجُ بِالْأَكْفَاءِ. قُلْنَا الْعُرْفُ مُشْتَرَكٌ أَوْ هُوَ عُرْفٌ عَمَلِيٌّ فَلَا يَصْلُحُ مُقَيَّدًا. وَذَكَرَ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ اعْتِبَارَ الْكَفَاءَةِ فِي هَذَا اسْتِحْسَانٌ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ التَّزَوُّجِ بِمُطْلَقِ الزَّوْجِ فَكَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ فِي التَّزَوُّجِ بِالْكُفْءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بِذَلِكَ لِتَظْهَرَ الْكَفَاءَةُ فَإِنَّهَا مِنْ جَانِبِ النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ مُسْتَحْسَنَةٌ فِي الْوَكَالَةِ عِنْدَهُمَا، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ أَمَةً لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهُ أَمَةَ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ لِمَكَانِ التُّهْمَةِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ فِي الدَّلِيلِ بِقَوْلِهِ: وَعَدَمُ التُّهْمَةِ.
وَأَمَّا إطْلَاقُ اللَّفْظِ فَإِنَّ لَفْظَ امْرَأَةٍ مُطْلَقٌ يَقَعُ عَلَى الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً يَقَعُ عَلَى الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ جَمِيعًا. وَقَوْلُهُ (وَهُوَ التَّزَوُّجُ بِالْأَكْفَاءِ) قَالَ الْكَشَانِيُّ: دَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الْكَفَاءَةَ تُعْتَبَرُ فِي النِّسَاءِ لِلرِّجَالِ أَيْضًا عِنْدَهُمَا، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْأَصْلِ (قُلْنَا الْعُرْفُ مُشْتَرَكٌ) يَعْنِي كَمَا هُوَ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا قُلْتُمْ مُسْتَعْمَلٌ فِيمَا قُلْنَا، فَإِنَّ الْأَشْرَافَ كَمَا يَتَزَوَّجُونَ الْحَرَائِرَ يَتَزَوَّجُونَ الْإِمَاءَ لِلتَّسْهِيلِ (أَوْ هُوَ عُرْفٌ عَمَلِيٌّ) أَيْ عُرْفٌ مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ وَالِاسْتِعْمَالُ لَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الْعُرْفَ عَلَى نَوْعَيْنِ: لَفْظِيٍّ نَحْوُ الدَّابَّةِ تُقَيَّدُ لَفْظًا بِالْفَرَسِ وَنَحْوُ الْمَالِ بَيْنَ الْعَرَبِ بِالْإِبِلِ. وَعَمَلِيٍّ أَيْ عُرْفٌ مِنْ حَيْثُ الْعَمَلُ: أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ عَمَلَ النَّاسِ كَذَا كَلُبْسِهِمْ الْجَدِيدَ يَوْمَ الْعِيدِ وَأَمْثَالِهِ (فَلَا يَصْلُحُ مُقَيِّدًا) لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ لِأَنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ وَالتَّقْيِيدُ يُقَابِلُهُ، وَمِنْ شَرْطِ التَّقَابُلِ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ الَّذِي يَرِدَانِ عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ (وَذَكَرَ) يَعْنِي مُحَمَّدًا (فِي وَكَالَةِ الْأَصْلِ) إشَارَةً إلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ اسْتِحْسَانِ الْكَفَاءَةِ عِنْدَهُمَا فِي الْوَكَالَةِ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ وَاضِحٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute