وَالْأَقْيِسَةُ مُتَعَارِضَةٌ، فَفِيهِ تَفْوِيتُ الزَّوْجِ الْمِلْكَ عَلَى نَفْسِهِ بِاخْتِيَارِهِ وَفِيهِ عَوْدُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَيْهِ سَالِمًا فَكَانَ الْمَرْجِعُ
وَهُوَ نَصٌّ صَرِيحٌ فِي الْبَابِ فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ.
وَقَوْلُهُ وَالْأَقْيِسَةُ مُتَعَارِضَةٌ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ كُلُّ الْبَدَلِ، لِأَنَّ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ يَعُودُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ سَالِمًا إلَيْهَا فَيَجِبُ أَنْ يَسْقُطَ كُلُّ الْبَدَلِ كَمَا إذَا تَبَايَعَا ثُمَّ تَقَابَلَا.
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَقْيِسَةَ مُتَعَارِضَةُ قِيَاسٌ يَقْتَضِي ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْت، وَقِيَاسٌ آخَرُ يَقْتَضِي وُجُوبَ كُلِّ الْمَهْرِ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مَا مَلَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ كُلِّ الْمَهْرِ كَالْمُشْتَرِي إذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِذَا تَعَارَضَ الْقِيَاسَانِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إلَى النَّصِّ. وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ الْقِيَاسَ الْوَاحِدَ لَا وُجُودَ لَهُ عَلَى مُخَالَفَةِ النَّصِّ فَضْلًا عَنْ الْأَقْيِسَةِ وَالثَّانِي أَنَّ التَّعَارُضَ إذَا ثَبَتَ بَيْنَ الْحُجَّتَيْنِ كَانَ الْمَصِيرُ إلَى مَا بَعْدَهُمَا لَا إلَى مَا قَبْلَهُمَا. وَالثَّالِثُ أَنَّ الْقِيَاسَيْنِ لَا يَتَعَارَضَانِ، وَلَوْ ثَبَتَ التَّعَارُضُ صُورَةً لَمْ يُتْرَكَا.
بَلْ يَعْمَلُ الْمُجْتَهِدُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ ذِكْرَ مُعَارَضَةِ الْقِيَاسَيْنِ هَاهُنَا لَيْسَ لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا بَلْ لِبَيَانِ أَنَّ الْعَمَلَ بِهِمَا غَيْرُ مُمْكِنٍ لِتَعَارُضِهِمَا أَوْ لِمُخَالَفَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا النَّصَّ، فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: فَوَجَبَ الْعَمَلُ عَلَيْنَا بِظَاهِرِ النَّصِّ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute