للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَائِزٌ فَدَخَلَ بِهَا أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَيْسَ لَهَا مَهْرٌ، وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيَّانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُهُمَا فِي الْحَرْبِيَّيْنِ. وَأَمَّا فِي الذِّمِّيَّةِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ دَخَلَ بِهَا وَالْمُتْعَةُ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا. وَقَالَ زُفَرُ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْحَرْبِيَّيْنِ أَيْضًا. لَهُ أَنَّ الشَّرْعَ مَا شَرَعَ ابْتِغَاءَ النِّكَاحِ إلَّا بِالْمَالِ، وَهَذَا الشَّرْعُ وَقَعَ عَامًّا فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ عَلَى الْعُمُومِ. وَلَهُمَا أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ غَيْرُ مُلْتَزِمِينَ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ، وَوِلَايَةُ الْإِلْزَامِ مُنْقَطِعَةٌ لِتَبَايُنِ الدَّارِ، بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَنَا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ كَالرِّبَا وَالزِّنَا، وَوِلَايَةُ الْإِلْزَامِ مُتَحَقِّقَةٌ لِاتِّحَادِ الدَّارِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يَلْتَزِمُونَ أَحْكَامَنَا فِي الدِّيَانَاتِ وَفِيمَا يَعْتَقِدُونَ خِلَافَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَوِلَايَةُ الْإِلْزَامِ بِالسَّيْفِ وَبِالْمُحَاجَّةِ وَكُلُّ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ عَنْهُمْ بِاعْتِبَارِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، فَإِنَّا أُمِرْنَا بِأَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ فَصَارُوا كَأَهْلِ الْحَرْبِ،

بِغَيْرِ مَهْرٍ فِي دِينِهِمْ (جَائِزٌ) وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (فَلَيْسَ لَهَا مَهْرٌ) وَإِنْ أَسْلَمَا (وَكَذَلِكَ الْحَرْبِيَّانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ وُجُوبِ الْمَهْرِ فِي الذِّمِّيَّيْنِ وَالْحَرْبِيَّيْنِ (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) وَوَافَقَاهُ فِي الْحَرْبِيَّيْنِ.

وَأَمَّا فِي الذِّمِّيَّةِ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمُتْعَةُ وَخَالَفَهُ زُفَرُ فِي الْحَرْبِيَّيْنِ أَيْضًا، وَقَالَ (الشَّرْعُ مَا شَرَعَ ابْتِغَاءَ النِّكَاحِ إلَّا بِالْمَالِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾ (وَهَذَا الشَّرْعُ وَقَعَ عَامًّا) لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ بَابِ الْمُعَامَلَاتِ وَالْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِالْمُعَامَلَاتِ (فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ عَلَى الْعُمُومِ) وَحَاصِلُ كَلَامِهِ الْمَشْرُوعِ فِي بَابِ النِّكَاحِ الِابْتِغَاءُ بِالْمَالِ عَلَى الْعُمُومِ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ يَثْبُتُ حُكْمُهُ عَلَى الْعُمُومِ، وَقَالَا: أَهْلُ الْحَرْبِ لَمْ يَلْتَزِمُوا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يَكُونُ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِمْ إلَّا بِالْإِلْزَامِ وَلَا إلْزَامَ إلَّا بِالْوِلَايَةِ، وَقَدْ انْقَطَعَ الْوِلَايَةُ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ (بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَنَا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ) لِأَنَّ الِالْتِزَامَ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ وَقَدْ وُجِدَ مِنْهُمْ فَكَانَ كَالزِّنَا وَالرِّبَا فَإِنَّهُمْ يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ وَيُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ، وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا لَكِنَّ وِلَايَةَ الْإِلْزَامِ مُتَحَقِّقَةٌ لِاتِّحَادِ الدَّارِ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يَلْتَزِمُونَ أَحْكَامَنَا) فِي الدِّيَانَاتِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ (وَفِيمَا يَعْتَقِدُونَ خِلَافَهُ فِي الْمُعَامَلَاتِ) أَيْضًا كَبَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ (وَوِلَايَةِ الْإِلْزَامِ بِالسَّيْفِ وَالْمُحَاجَّةِ) وَلَيْسَتْ بِمَوْجُودَةٍ لِانْقِطَاعِهَا عَنْهُمْ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ (فَإِنَّا أُمِرْنَا بِأَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ فَصَارُوا كَأَهْلِ الْحَرْبِ) فِي عَدَمِ الِالْتِزَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>