للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكُلَّ عَلَى الْخِلَافِ.

(فَإِنْ تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ ذِمِّيَّةً عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَلَهَا الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ) وَمَعْنَاهُ إذَا كَانَا بِأَعْيَانِهِمَا وَالْإِسْلَامُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَا بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا فَلَهَا فِي الْخَمْرِ الْقِيمَةُ وَفِي الْخِنْزِيرِ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهَا الْقِيمَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ. وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْقَبْضَ مُؤَكِّدٌ لِلْمِلْكِ فِي الْمَقْبُوضِ لَهُ فَيَكُونُ لَهُ شَبَهٌ بِالْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ كَالْعَقْدِ وَصَارَ كَمَا إذَا كَانَا

الْمَيْتَةُ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِمُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ أَحَدٍ فَكَانَ التَّزَوُّجُ عَلَيْهَا كَالنَّفْيِ وَهُوَ مُخْتَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّ أَحَدًا لَمَّا لَمْ يَتَدَيَّنْ بِتَقَوُّمِهَا لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ قَوْلِهِ «اُتْرُكُوهُمْ وَمَا يَدِينُونَ» فَيَجِبُ حُكْمُ الشَّرْعِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكُلَّ عَلَى الْخِلَافِ) عِنْدَهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.

وَقَوْلُهُ (فَإِنْ تَزَوَّجَ الذِّمِّيُّ ذِمِّيَّةً) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ كُلُّ مَا ذُكِرَ وَهُوَ مَا كَانَا مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ (عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ) أَيْ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهَا الْقِيمَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ. وَجْهُ قَوْلِهِمَا) إنَّمَا جَمَعَ بَيْنَ قَوْلِهِمَا وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ فَمَا بَيْنَهُمَا حَيْثُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِيهِمَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: فِيهِمَا بِالْقِيمَةِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ غَيْرُ قِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لِأَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ فِي أَنْ لَا يُوجِبَا عَيْنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ (أَنَّ الْقَبْضَ مُؤَكِّدٌ لِلْمِلْكِ فِي الْمَقْبُوضِ) وَلِهَذَا يُنَصَّفُ الصَّدَاقُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا، وَبَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الزَّوْجِ شَيْءٌ إلَّا بِالرِّضَا أَوْ الْقَضَاءِ، وَإِذَا مَرَّ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالصَّدَاقُ عَبْدٌ غَيْرُ مَقْبُوضٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا لَا تَجِبُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَهْرِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ، وَالْمُؤَكِّدُ لِلْمِلْكِ شَبِيهٌ بِالْعَقْدِ لِإِفَادَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ (فَيَمْتَنِعُ) الْقَبْضُ (بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ) كَمَا لَوْ كَانَ ابْتِدَاءُ التَّمْلِيكِ بِالْعَقْدِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ إلْحَاقًا لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ بِحَقِيقَتِهِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ (وَصَارَ كَمَا إذَا كَانَا

<<  <  ج: ص:  >  >>