للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ حُرًّا كَانَ زَوْجُهَا أَوْ عَبْدًا) لِقَوْلِهِ لِبَرِيرَةَ حِينَ عَتَقَتْ «مَلَكْتِ بُضْعَكِ فَاخْتَارِي» فَالتَّعْلِيلُ بِمِلْكِ الْبُضْعِ صَدَرَ مُطْلَقًا فَيَنْتَظِمُ الْفَصْلَيْنِ، وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُنَا فِيمَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِهِ،

وَفِي تَعَيُّنِ الْإِذْنِ اخْتِلَافٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ وَاضِحٌ

، (وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا) أَوْ زَوَّجَهَا مَوْلَاهَا (ثُمَّ أُعْتِقَتْ فَلَهَا الْخِيَارُ)، إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ، سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنْ كَانَ عَبْدًا فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ «أَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا أَرَادَتْ أَنْ تُعْتِقَ مَمْلُوكَيْنِ لَهَا مُتَنَاكِحَيْنِ سَأَلَتْ النَّبِيَّ عَنْ ذَلِكَ فَأَمَرَهَا بِالْبُدَاءَةِ بِالْغُلَامِ» قَالَ: وَإِنَّمَا أَمَرَهَا بِذَلِكَ لِئَلَّا يَثْبُتَ لَهَا الْخِيَارُ، وَلِأَنَّ الْخِيَارَ فِيمَا إذَا كَانَ عَبْدًا لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْحُرِّ. وَلَنَا «أَنَّ عَائِشَةَ أَعْتَقَتْ بَرِيرَةَ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ : مَلَكْتِ بُضْعَك فَاخْتَارِي» فَالتَّعْلِيلُ بِمِلْكِ الْبُضْعِ صَدَرَ مُطْلَقًا فَيَنْتَظِمُ الْفَصْلَيْنِ) الْحُرَّ وَالْعَبْدَ، وَإِنَّمَا قَالَ: فَالتَّعْلِيلُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ سَهَا فَسَجَدَ فَالشَّافِعِيُّ مَحْجُوجٌ بِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: رَوَى صَاحِبُ السُّنَنِ بِإِسْنَادِهِ إلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ بَرِيرَةَ خَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا» وَرُوِيَ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ إلَى عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ يُسَمَّى مُغِيثًا فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ»، " فَأَنَّى يَكُونُ الشَّافِعِيُّ بِهِ مَحْجُوجًا؟ قُلْت: رَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>