للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

امْرَأَةً فَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَجِيءَ بِهَا إلَى عُثْمَانَ فَشَاوَرَ فِي رَجْمِهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنْ خَاصَمْتُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ خَصَمْتُكُمْ، قَالُوا كَيْفَ؟ قَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا﴾، وَقَالَ ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ فَحَمْلُهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَفِصَالُهُ حَوْلَانِ، فَتَرَكَهَا. وَإِذَا لَمْ تَكُنْ دَلَالَتُهَا عَلَى ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ التَّغْيِيرُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ إثْبَاتُ مَسْأَلَةٍ فَرْعِيَّةٍ بِآيَةٍ مُؤَوَّلَةٍ وَلَا بُعْدَ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَغَيُّرِ الْغِذَاءِ لِيَنْقَطِعَ الْإِنْبَاتُ بِاللَّبَنِ وَيَحْصُلَ تَغَيُّرٌ إبْقَاءً لِحَيَاتِهِ، وَذَلِكَ أَيْ: التَّغَيُّرُ بِزِيَادَةِ مُدَّةٍ يَتَعَوَّدُ الصَّبِيُّ فِيهَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ عَنْ اللَّبَنِ دَفْعَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَوَّدَ غَيْرَهُ مُهْلِكٌ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي وَعَدَهُ الْمُصَنِّفُ لِزُفَرَ لَكِنَّهُ قَدَّرَهُ بِسَنَةٍ كَمَا فِي الْعِنِّينِ، وَقَدَّرْنَاهُ بِأَدْنَى مُدَّةِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا مُغَيِّرَةٌ، فَإِنَّ غِذَاءَ الْجَنِينِ يُغَايِرُ غِذَاءَ الرَّضِيعِ، فَإِنَّ غِذَاءَ الْجَنِينِ كَانَ غِذَاءَ أُمِّهِ ثُمَّ صَارَ لَبَنًا خَالِصًا كَمَا أَنَّ غِذَاءَ الرَّضِيعِ يُغَايِرُ غِذَاءَ الْفَطِيمِ؛ لِأَنَّ غِذَاءَ الرَّضِيعِ اللَّبَنُ، وَغِذَاءَ الْفَطِيمِ اللَّبَنُ مَرَّةً وَالطَّعَامُ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ يُفْطَمُ تَدْرِيجًا، فَكَانَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَغْيِيرِ الْغِذَاءِ، وَتَغْيِيرُ الْغِذَاءِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَلَا بُدَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.

وَقَوْلُهُ: وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ يَعْنِي قَوْلَهُ: «لَا رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ» مَحْمُولٌ عَلَى مُدَّةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَأَبْهَمَ الْمُصَنِّفُ الِاسْتِحْقَاقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>