للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهِيَ فِي الْمُفَرَّقِ عَلَى الْأَطْهَارِ ثَانِيَةً نَظَرًا إلَى دَلِيلِهَا، وَالْحَاجَةُ فِي نَفْسِهَا بَاقِيَةٌ فَأَمْكَنَ تَصْوِيرُ الدَّلِيلِ عَلَيْهَا، وَالْمَشْرُوعِيَّةُ فِي ذَاتِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إزَالَةُ الرِّقِّ لَا تُنَافِي الْحَظْرَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ،

فِي الشَّرْعِ إلَّا أَنَّهُ أُبِيحَ لِلْحَاجَةِ إلَى الْخَلَاصِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا حَاجَةَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الثَّلَاثِ. فَإِنْ قِيلَ: فَكَمَا لَا حَاجَةَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الثَّلَاثِ فَكَذَا لَا حَاجَةَ إلَى الْمُفَرَّقِ عَلَى الْأَطْهَارِ.

أَجَابَ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْحَاجَةُ (فِي الْمُفَرَّقِ عَلَى الْأَطْهَارِ ثَابِتَةٌ نَظَرًا إلَى دَلِيلِهَا) وَهُوَ الْإِقْدَامُ عَلَى الطَّلَاقِ فِي زَمَانِ تَجَدُّدِ الرَّغْبَةِ وَهُوَ الطُّهْرُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَالْحُكْمُ يُدَارُ عَلَى دَلِيلِ الْحَاجَةِ لِكَوْنِهَا أَمْرًا مُبَطَّنًا. فَإِنْ قِيلَ: دَلِيلُ الْحَاجَةِ إنَّمَا يُقَامُ مَقَامَ الْحَاجَةِ فِيمَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهَا وَهَاهُنَا لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْخَلَاصِ عَنْ عُهْدَةِ النِّكَاحِ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بِالْأَوَّلِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ. أَجَابَ بِقَوْلِهِ: (وَالْحَاجَةُ فِي نَفْسِهَا بَاقِيَةٌ) يَعْنِي لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ سَيِّئَةَ الْأَخْلَاقِ بَذِيَّةَ اللِّسَانِ فَيُسَدُّ عَلَى الزَّوْجِ بَابُ إمْكَانِ التَّدَارُكِ مَعَ صَفَائِهِ عَنْ عُرُوضِ النَّدَمِ.

قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاحَ الثَّلَاثُ جُمْلَةً لَكِنَّهَا عِلَّةٌ تُعَارِضُ النَّصَّ فَلَمْ تُؤَثِّرْ، وَأَظُنُّ أَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّصِّ قَوْله تَعَالَى ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُفَرَّقٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ قَوْلُهُ ﵊ لِابْنِ عُمَرَ: «إنَّ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ تَسْتَقْبِلَ الطُّهْرَ اسْتِقْبَالًا» الْحَدِيثَ (قَوْلُهُ: وَالْمَشْرُوعِيَّة فِي ذَاتِهِ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ: وَالْمَشْرُوعِيَّة لَا تُجَامِعُ الْحَظْرَ.

وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمَشْرُوعَ لِذَاتِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَحْظُورًا لِذَاتِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>