لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الطَّلَاقِ الْحَظْرُ، وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالتَّفْرِيقِ عَلَى فُصُولِ الْعِدَّةِ، وَالشَّهْرُ فِي حَقِّ الْحَامِلِ لَيْسَ مِنْ فُصُولِهَا فَصَارَ كَالْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا. وَلَهُمَا أَنَّ الْإِبَاحَةَ بِعِلَّةِ الْحَاجَةِ وَالشَّهْرُ دَلِيلُهَا كَمَا فِي حَقِّ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ تَجَدُّدِ الرَّغْبَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجِبِلَّةُ السَّلِيمَةُ فَصَلَحَ عِلْمًا وَدَلِيلًا، بِخِلَافِ الْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ فِي حَقِّهَا إنَّمَا
وَقَوْلُهُ: (وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالتَّفْرِيقِ عَلَى فُصُولِ الْعِدَّةِ) يَعْنِي: قَوْله تَعَالَى ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ: لِأَطْهَارِ عِدَّتِهِنَّ، فَفِي ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ فُرِّقَ عَلَى الْأَطْهَارِ، وَفِي حَقِّ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ عَلَى الْأَشْهُرِ لِأَنَّهَا فِي حَقِّهِنَّ كَالْأَقْرَاءِ فِي حَقِّ ذَوَاتِ الْحَيْضِ، وَالشَّهْرُ فِي حَقِّ الْحَامِلِ لَيْسَ مِنْ فُصُولِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ وَإِنْ طَالَتْ فَهُوَ طُهْرٌ وَاحِدٌ حَقِيقَةً وَحُكْمًا؛ أَلَا تَرَى أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فَصَارَ كَالْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا فَإِنَّ طُهْرَهَا وَإِنْ امْتَدَّ شُهُورًا فَهُوَ فَصْلٌ وَاحِدٌ لَا تُفَرَّقُ التَّطْلِيقَاتُ فِيهِ. وَلَهُمَا أَنَّ إبَاحَةَ الطَّلَاقِ لِلْحَاجَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحَظْرُ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْخَلَاصِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّقَصِّي عَنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ، وَالشَّهْرُ دَلِيلُ الْحَاجَةِ كَمَا فِي حَقِّ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ، وَهَذَا أَيْ: كَوْنُ الشَّهْرِ دَلِيلًا فِي حَقِّ الْحَامِلِ كَمَا فِي حَقِّ الْآيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ تَجَدُّدِ الرَّغْبَةِ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْجِبِلَّةُ السَّلِيمَةُ فَصَلُحَ أَنْ يَكُونَ عَلَمًا وَدَلِيلًا عَلَى وُجُودِ الْحَاجَةِ، (وَالْحُكْمُ يُدَارُ عَلَى دَلِيلِهَا) فَإِذَا وُجِدَ وُجِدَ مَا أُبِيحَ لِأَجْلِهِ الطَّلَاقُ فَيَكُونُ مُبَاحًا. وَقَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا) جَوَابٌ عَنْ قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ بِالْفَرْقِ بِأَنَّ هُنَاكَ لَا يَصْلُحُ الشَّهْرُ أَنْ يَكُونَ عَلَمًا؛ لِأَنَّ الْعَلَمَ عَلَى الْحَاجَةِ فِي حَقِّهَا الطُّهْرُ: أَيْ: تُجَدِّدُهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِيهَا فِي كُلِّ زَمَانٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute